د. أحمد الفراج
تحدثت في المقال الماضي عن دور نائب الرئيس، وذلك بعد أن كلَّف الرئيس ترمب نائبه، مايك بنس، برئاسة خلية أزمة كورونا، وذكرت المهمتين الرئيسيتين لنائب الرئيس، وهما رئاسة مجلس الشيوخ، وتسنّم رئاسة أمريكا، في حال مات الرئيس أو تم عزله، ولو عدنا للتاريخ، عندما تم اغتيال أفضل رؤساء أمريكا، ابراهام لينكولن، وهو الشجاع الذي قاد القوات الفيدرالية إلى النصر، وألغى الرق وأعاد توحيد أمريكا بالقوة، فقد تسنَّم الرئاسة بعده نائبه، الذي لا يمكن أن يقارن بلينكولن، فقد كان ضعيفاً متردداً، وتم تصنيفه ضمن أسوأ رؤساء أمريكا، ولم يكن سوء أندرو جانسون بسبب أنه خلف لينكولن فقط، فهو سيئ من أصله، حسب اتفاق معظم المؤرِّخين والباحثين، وقد اختاره لينكولن ليكون نائبًا له لأسباب سياسية انتخابية بحتة، لأنه كان جنوبياً عنصريًّا، فاختاره لينكولن ليوازن به المجتمع الأمريكي الذي كان منقسمًا بين مؤيِّد لتحرير السود ومعارض له، وكان ذلك خلال الحرب الأهلية الأمريكية التي انقسمت خلالها الولايات المتحدة، وأعاد لينكولن توحيدها بالقوة بعد أن حقق مراده بإلغاء الرق، وتحرير السود من العبودية.
جانسون كان سياسيًّا محترفًا بلا حكمة، إن صح التعبير، إذ سبق أن انتُخب لعضوية مجلس النواب الفيدرالي عن ولاية تينيسي، ثم حاكمًا للولاية ذاتها، ثم حاكمًا عسكريًّا لها أثناء الحرب الأهلية إلا أنه فشل فشلاً ذريعًا في أن يملأ مكان سلفه الرئيس لينكولن، وكانت سياساته كارثية، ودخل في صراعات كبيرة مع المشرّعين في الكونجرس، كادت تودي به خارج البيت الأبيض، فعندما حاول المشرّعون من ولايات الجنوب العنصرية في الكونجرس الأمريكي إلغاء كل الحقوق التي مُنحت السود بعد تحريرهم من الرق، وهو الأمر الذي رفضه المشرّعون من ولايات الشمال الصناعي، وقف الرئيس جانسون -كما هو متوقّع- في صف المشرّعين الجنوبيين، وقامت معركة سياسية كبرى، وكان من نتيجة ذلك أن صوَّت مجلس النواب على عزله، ثم تبعه مجلس الشيوخ، الذي صوَّت على عزله، وفشل في ذلك بفارق صوت واحد فقط، وتجاوز جانسون العزل، لكنه بقي كسيحًا كالبطة العرجاء، كما تقول أدبيات الإعلام الأمريكي، واستطاع بالكاد أن يكمل فترة رئاسية واحدة.. وسنواصل الحديث.