د. أحمد الفراج
يعتبر الرئيس فرانكلين روزفلت أحد أفضل ثلاثة رؤساء عبر التاريخ الأمريكي، مع الرئيس الأول جورج واشنطن، والرئيس التاريخي، ابراهام لينكولن، وروزفلت هو الرئيس الوحيد، الذي فاز بالرئاسة أربع مرات، أعوام (1932 - 1936 - 1940 - 1944)، وهو الأمر الذي لم يحدث قبل ذلك، رغم أن الدستور لا يمنع ذلك، فالرئيس الأول، جورج واشنطن، سنَّ عرفاً وتقليداً، وهو أن يحكم الرئيس فترتين فقط، أي ثماني سنوات، وسار على ذلك معظم الرؤساء الأمريكيين، الذين جاؤوا بعده، وحتى من خالف ذلك العرف، وترشَّح للرئاسة مرة ثالثة، لم ينجح في مسعاه، مثل الرئيس، يوليسيس قرانت، في عام 1880، والرئيس تيد روزفلت، قريب فرانكلين روزفلت، في عام 1912، ورغم أن فوز روزفلت بالرئاسة أربع مرات كان استثنائياً، ويصعب تصور حدوثه مرة أخرى، حيث إن أمريكا، خلال فترة رئاسته، كانت تمر بمرحلة عصيبة، شهدت الكساد الاقتصادي والحرب الكونية الثانية، إلا أن ذلك أشعل الضوء الأحمر، ولذا تم تعديل الدستور بعد وفاة روزفلت لتقتصر فترة الرئاسة على فترتين فقط.
لا شك أن مما ساعد على انتخاب روزفلت أربع مرات كانت موهبته القيادية، ومقدرته على التعامل مع تحديات أزمة الكساد الكبير، وأيضاً دخول أمريكا معترك الحرب العالمية الثانية، إذ إن الشعب غالباً، وحتى في الأنظمة الديمقراطية، يقف خلف الزعيم خلال الأزمات ولا يرغب في التغيير، كما أن العادة جرت على أن تتوحَّد البلاد خلال الأزمات الكبرى، ويتناسى الساسة خلافاتهم، وهذا ما حدث بالضبط خلال فترة روزفلت، وخلال فترات رؤساء آخرين، مثل جورج بوش الأب أثناء حرب الخليج، وبوش الابن بعد أحداث سبتمبر، ولذا كان لافتاً أن يصرّح المرشح الديمقراطي المحتمل، جوزيف بايدن، قبل يومين ضد الرئيس ترمب، وينتقد طريقة تعامله مع أزمة وباء كورونا، وهو سلوك غير محسوب العواقب، إذ استنكره حتى الإستراتيجيون الديمقراطيون، لأنهم يعلمون أنه سلوك انتهازي في وقت تمر به البلاد بأزمة كبرى، وما زلت أتساءل كيف سمح الديمقراطيون لمثل ذلك أن يحدث، وهذا ما سنواصل الحديث حوله في المقال القادم!