د. أحمد الفراج
فجأة ودون مقدمات، أصبح نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، في قلب الحدث، بعد أن أوكل له الرئيس ترمب مسؤولية متابعة وباء كورونا، الذي يضرب أمريكا بشراسة، وأصبح يظهر يومياً في مؤتمر الرئيس اليومي، وتلاحقه وسائل الإعلام، وغني عن القول أن منصب نائب الرئيس ينظر إليه على أنه منصب شرفي، وهذا ليس دقيقاً، فلهذا المنصب مهمتان كبيرتان، ولا تتبين أهمية هذا المنصب إلا عندما يتحتم استخدام هاتين المهمتين، فنائب الرئيس هو - حسب الدستور- رئيس مجلس الشيوخ، والذي يتكون من مائة عضو، أي عضوان لكل ولاية، من الولايات الخمسين، بغض النظر عن حجمها الجغرافي والسكاني، وبما أن قرارات مجلس الشيوخ تحسم بالتصويت، فإنه يحصل أن يكون هناك تعادل بالأصوات، وفي هذه الحالة يكون دور نائب الرئيس حاسماً، فهو رئيس المجلس، وصوته يحسم القضية، وهناك قرارات مصيرية حسمها صوت نائب الرئيس.
أما المهمة الثانية لنائب الرئيس فهي أهم من ذلك بكثير، فنائب الرئيس الأمريكي يصبح رئيساً بشكل مباشر، في حال وفاة الرئيس، أو عزله، وقد حدث ذلك مراراً، وهناك حوادث، كان مهماً أن نائب الرئيس، حينما حدثت، كان سياسياً مؤهلاً بما يكفي لتسنّم منصب الرئيس، فعندما تم اغتيال أفضل الرؤساء الأمريكيين، حسب معظم المؤرِّخين، الرئيس إبراهام لينكولن، وذلك في عام 1865، عندما كان يشاهد عرضاً مسرحياً، إذ اغتاله أحد العنصريين المعارضين لتحرير السود، بحكم أن لينكولن كان شجاعاً حازماً في مسألة إنهاء الرق، وشنَّ حرباً على الانفصاليين في ولايات الجنوب، والذين رفضوا تحرير السود، ولم يتحرّر السود إلا بعد أن هزمهم لينكولن، وأعاد توحيد أمريكا من جديد، بقيم جديدة، وبعد اغتياله، تولى الرئاسة نائبه، الرئيس اندرو جانسون، الذي لم يكن مثل لينكولن بكل تأكيد، ولكنه كان قادراً على حكم الولايات المتحدة، وتجنيبها ويلات ما هو أسوأ، بحكم أن سكان الجنوب الأمريكي لم يكونوا سعداء على الإطلاق، بعد هزيمتهم من لينكولن، وعلاوة على كل ذلك، فإنه يحدث أن يكون نائب الرئيس سياسياً من عيار ثقيل، ويشارك في صنع القرارات الكبرى، وأفضل مثالين لذلك، هما جورج بوش الأب، نائب الرئيس رونالد ريجان، وديك تشيني، نائب الرئيس جورج بوش الابن، فلا تستهينوا بدور نائب الرئيس، لأنه قد يصبح رئيساً بين عشية وضحاها.