(تصوير د. شبراق):
يحتفل العديد من دول العالم سنوياً في الأسبوع الثاني من شهر مايو بيوم الطيور المهاجرة، وذلك بهدف زيادة الوعي بأهميتها ودورها في النظام البيئي، ولمشاركة العالم هذه المناسبة، أحببت أن أقدم مشاركة بسيطة تهدف لزيادة الوعي بأهمية المحافظة على الطيور، وذلك من خلال سرد قصة «وصال».. النسر المصري بأرض النشامى «المملكة الأردنية الهاشمية».
بدأت القصة خلال مشاركتي ضمن وفد الهيئة السعودية للحياة الفطرية بورشة عمل في المملكة الأردنية الهاشمية عن الطيور المهاجرة ومشاريع الطاقة، فقد دار بيني وبين المسؤول العلمي في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في الأردن د. نشأت حمدان حوار عن النسور وحمايتها وما نقوم به من دراسات على أنواع النسور الموجودة بالمملكة العربية السعودية، خاصة تلك الدراسة المتعلقة بمتابعة نسر الأذون بالأقمار الاصطناعية التي نشرت نتائجها في العدد الأول من المجلة العلمية التي أصدرتها الجمعية عام 2014م، وهي أول دراسة تتم بالمنطقة تستخدم هذه التقنية في متابعة النسور، وقد تطرقنا خلال حديثنا لعدد من المواضيع الخاصة بحماية النسور في الأردن والسعودية ومنها مشروع متابعة لنسر مصري تمت مصادرته من أحد حدائق الحيوان ومن ثم تم تأهيله لإعادة حريته من قبل جمعية موئل، وذلك ضمن برنامج مُمَوّلْ من الاتحاد الأوروبي، تحت رعاية المكتب الإقليمي لمنظمة البيرد لايف إنترناشونال في الشرق الأوسط، وقد نتج من هذا الحوار فكرة برنامج تعاون إقليمي للاستفادة المشتركة من الخبرات الإقليمية في هذا المشروع خاصة فيما يتعلق بتثبيت جهاز المتابعة على النسر المصري والاستفادة من خبرة الهيئة في دراسات النسور السابقة لتفعيل برامج التعاون الإقليمية لشركاء البيرد لايف بمنطقة الشرق الأوسط، كما اتفق على تسميته بـ «وصال» للاستدلال عليه من بين برامج أخرى لمتابعة النسور، حيث جرت العادة على تسمية كل طائر يتم تثبيت مثل هذه الأجهزة للدلالة عليه، وقد اقترحت هذا الاسم ليعزز من دور الطيور المهاجرة في التواصل بين الشعوب، فهي تنتقل من بلدٍ لآخر تختلف فيها الثقافات واللغات، ليكون حلقة وصل بين الشعوب، وقد حظيت هذه الفكرة والاسم بتأييد ومساندة من القائمين على مشروع النسر المصري بالجمعية ومكتب البيرد لايف ومنسق المشروع المعين من الاتحاد الأوروبي وموافقة الهيئة، وما هي إلا أيام وحطت بي الطائرة مرة أخرى في العاصمة الأردنية الهاشمية عمان لتبدأ رحلة لإعادة تحليق «وصال»... النسر المصري.
النسر المصري
وصلت الطائرة لمطار الملكة عالية الدولي، وكان باستقبالي الأستاذ طارق قنعير، أحد الباحثين في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في الأردن والمشرف على برنامج إعادة إطلاق النسر المصري للبرية. قابلني مُرحباً بابتسامة جميلة على مُحَيّاه ولسان ذكره الترحيب بمشاركتنا في هذا البرنامج والحدث المهم، أشعرني هذا الترحيب بدفء المكان بالرغم من برودة الأجواء في مدينة عمان التي وصلت إلى أربع درجات مئوية، وخلال دقائق من دخولنا السيارة بدأت رحلتنا إلى محمية ضانا للمحيط الحيوي التي سوف تحتضن احتفالية إطلاق النسر المصري.
انطلقت بنا السيارة سالِكة طريق العقبة، كنا نتبادل أطراف الحديث الذي كان مجمله عن النسور، فالطريق لمحمية ضانا للمحيط الحيوي طويل، وكانت بالنسبة لي فرصة للتعرف أكثر على البرنامج والترتيبات المتعلقة بفعالية الاطلاق، كما أنها فرصة لمراجعة متطلبات التثبيت لجهاز المتابعة، وقد استغل أخي طارق الوقت ليسألني بلهجته الأردنية -شو وضع النسر المصري عندكو بالسعودية؟
بدأت الإجابة على سؤاله وأنا أنظر إليه تارة وإلى سواد الطريق أمامنا تارة أخرى، وفي قرارة نفسي أن أطيل هذا الحديث حتى نكسر رتابة الطريق، فبدأت حديثي بالقول أتعلم يا أخي طارق بأن النسر المصري أو كما يطلق عليه البعض بالرخمة المصرية، عرفه العرب منذ القِدمْ فقد ذكره الجاحظ في كتابه «الحيوان» أنه عرف بالأنوق، كما ذَكر أن له مسميات وكنى عند العرب كأم جعران وأم قيس وأم كثير، كذلك يضرب العرب به المثل في كتم الأسرار أو استحالة حدوث الشيء فقالوا «أبعد من بيضة الأنوق»، فشبه استحالة حدوث الشيء أو الوصول إليه أو كتم الأسرار بموقع أعشاشها لصعوبة الوصول إليها، ومن الأمثال الأخرى التي ذكرها الجاحظ تلك التي تطلق على صعوبة أو استحالة حدوث الشيء فَيُقَالْ «طَلَب الأبْلق العقوق فلما لم ينله أراد بيض الأنوقِ»، والأبلق هو اسم لطائر صغير يضع عشه في فتحات بين الصخور، معروف لدى أبناء البادية في بعض مناطق في الجزيرة العربية ويطلقون عليه اسم «العِلَيّا»،
كان طارق يلقي نظرة باتجاهي تارة وعلى الطريق أمامه تارة أخرى مبدياً اهتمامه بحديثنا عن النسور، ومن ضمن أسْئِلَتِه: سبب تسمية الشخص الكسول بالرخمة، وما علاقة التسمية بهذا النسر، طبعاً لم أتمالك نفسي من الضحك وقلت له: هذا ما لم أجد له تفسيرًا فالنسر المصري يعتبره علماء سلوك الحيوان من الطيور الذكية، التي تتميز بقدرتها على استخدام أدوات من البيئة للحصول على غذائه، فهي تستخدم الحجارة لكسر بيض النعام، فتلتقطها بمنقارها ومن ثم تُلْقِيها بشدة على بيض لتكسره أو لِتُحْدِثَ ثُقبٍ بها ومن ثم الحصول على المادة الغذائية بداخلها، وهذا يعد تطور في السلوك لاستخدامها الحجارة كأداة، نظر إلي وقال: شو.. والله الرخمة ما هي بهينة.
استرسلت في حديثي عن النسر المصري فقد كان لي معه ذكريات خلال دراستي للنسور بمحمية الإمام سعود بن عبد العزيز (محازة الصيد سابقاً)، وقلت له.. أتعلم أخي طارق! أنَّ من أهم المميزات الشكلية للنسور بصفة عامة هي: خلو منطقة الرأس وأحياناً الرقبة من الريش، وهي صفة مهمة لها علاقة بتكيفها مع طبيعة تغذيتها على جيف الحيوانات النافقة، ولو نظرت للنسر المصري فمناقيرها ليست قوية لتمزيق الجيفة، وعليه فهي تكتفي بالتغذي من المناطق الناعمة مثل العين واللسان، كما تتنحى قليلاً مبتعدة عن موقع الجيفة، إلا أن تنتهي النسور الكبيرة التي تمزق الجيفة كنسر الأذون والنسور السمراء فتلتقط الرخمة ما أسقطته تلك النسور، توقفت قليلاً ونظرت إلى طارق الذي يبدو مستغرباً توقفي عن الحديث، وقبل أن يتحدث بادرته بالقول ..أتعلم أخي طارق! ربما والله أعلم أن سبب تسميتها بالرخمة هو اعتمادها على ما تُسْقِطْه النسور الكبيرة خلال تنازعها وتمزيقها للفريسة.
سلالات النسر المصري
بدأت سرعة السيارة بالتباطؤ حتى توقفت أمام أحد المحلات التي تقدم وجبات غذائية ومشروبات باردة وساخنة وكذلك تبيع العديد من المصنوعات التقليدية والتحف والملابس المنسوجة في الأردن، ويبدو أن هذه المحطة معروفة فيقف عندها العديد من السيارات والحافلات المحملة بالسياح للراحة وفي نفس الوقت يتاح للسياح الفرصة لشراء هدايا لعائلاتهم، أما نحن فدخلنا للمطعم لنطلب وجبة إفطار من أطباق البقوليات من حمص وفول وفتة والتي تشتهر بها بلاد الشام بشكل عام، فطلبت لنفسي طبق المقدسية المميز بالحمص على جوانب الطبق والفول في وسطه، ويسكب عليه زيت الزيتون والذي يعطي الطبق لذّةً عجيبة، ما ينقصها إلا خبز التميس والذي من وجهة نظري سوف يجعل هذه الوجبة عالمية.
لم نشعر بالوقت ونحن في زاوية المطعم نلتهم طبق المقدسية، حتى سمعت صوت أخي طارق يطلب مني استكمال حديثي عن النسر المصري، والحقيقة لم أتذكر في تلك اللحظة أين توقف حديثنا، فآثرت أن أحدثه عن صفات سلالات وتصنيف (التحت النوع) الموجودة في العالم، فالنسر المصري يتميز البالغ منه بلونه الأبيض وأطراف أجنحة سوداء ومنقار ووجه أصفر، وحسب التحت نوع فهناك من يتميز بسواد بمقدمة المنقار، ومنها ذو طرف منقار أبيض، ويختلف لون الفرخ في سنتيه الأولى والثانية؛ حيث يتميز بلونه الأسود، وحسب التصنيف الحديث يوجد ثلاث سلالات (تحت نوع) للنسر المصري الأول: يعرف علمياً (Neophron percnopterus percnopterus)، وهذا التحت نوع أكثرها انتشاراً، فهي توجد من جنوب أوروبا إلى وسط آسيا ومنطقة القوقاز وشمال غرب الهند وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل والجزيرة العربية، ومن أهم ما يميزها السواد في مقدمة المنقار. أما التحت نوع الثاني (N. p. majorensis) فهو موجود في جزر الكناري، أما التحت نوع الثالث (N. p. ginginianus ) فيوجد في النيبال والهند، وهذا يتميز بطرف منقار أبيض اللون.
وينتشر النسر المصري في قارات العالم القديم (أوروبا وآسيا وإفريقيا)، وذلك من جزر الكناري غرباً إلى الهند وأفغانستان شرقاً ومنطقة البحر الأبيض المتوسط في أوروبا وشمال إفريقيا وبالطبع الجزيرة العربية وبعض الجزر المحيطة بها، حيث سجل وجودها بجزيرة سقطرى التابعة لليمن، التي يوجد بها نحو 500 زوج، وجزيرة مصيرة في سلطنة عمان، ويقدر عدد الأزواج بها نحو 12 زوجًا، وفي جزيرة فرسان بالبحر الأحمر يوجد نحو 30 زوجًا، وربما هذه الأعداد المسجلة قبل 2010م لا تمثل أعدادها بالوقت الحالي وذلك لتناقص أعدادها بشكل عام حول العالم خلال العقود الماضية، حتى أن الاتحاد العالمي لصون الطبيعة (IUCN) وضعها ضمن الأنواع المهددة بالانقراض بشكل خطر (Endangered).
وفي المملكة العربية السعودية فقد سجل تكاثره في عدد من المناطق من أهمها منطقة جبال الحجاز وعسير وجبال طويق وأجا وسلمى، ومناطق شمال المدينة، ومن أشهر المجموعات في المملكة تلك الموجودة بجزيرة فرسان بالبحر الأحمر، ولا يعرف ما إذا كانت هذه الطيور تهاجر أم أنها تبقى في الجزيرة طوال الوقت، وهذا موضوع جدير بالبحث والدراسة، كما تصل للمملكة مجموعات مهاجرة تأتي سنوياً بعضها من أوروبا ومنها من يأتي من إفريقيا للتكاثر بالمملكة، وهذه الأخيرة لم تعرف إلا خلال السنوات الماضية وذلك بعد وضع أجهزة متابعة لطائر في إثيوبيا فتوجه عبر باب المندب لمنطقة جنوب بيشة، وقد دلت تحركاته أنه ربما يتكاثر في المملكة، والجميل أيضاً أن الدراسات التي تمت عن طريق تثبيت أجهزة متابعة بالأقمار الاصطناعية للنسور المصرية في سلطنة عمان دلت على أن مجموعة النسور التي تم متابعتها تتنقل داخل عمان والدول المجاورة، عليه فقد قدرت أعدادها في الجزيرة العربية نحو 1000 زوج نصفها موجود بسلطنة عمان. وبالرغم من أهمية الجزيرة العربية لهذه النسور إلا أن أعدادها حسب الدراسات الأخيرة تتناقص في المملكة والجزيرة العربية بشكل عام ولافت ليدق ناقوس خطر انقراضها كما حصل لأخواتها في أوروبا.
شد الحديث أخي طارق حتى أنه توقف عن أكل المقدسية فلم يعجبه صمتي ولو برهه فبادرني بسؤال عن أعشاش هذه الطيور، فقلت صبراً أخي طارق.. أكَمْلْ لقمتي على الأقل، وأرجعت الكرسي للخلف واسترسلت في الحديث مرة أخرى قائلاً: إن هذه النسور تبني أعشاشها في أعالي المنحدرات الجبلية، ويبدأ تكاثرها مع شهر ديسمبر وتضع الأنثى بيضة واحدة، وتحضنها قرابة 42 يوماً، وتصل الفراخ لسن الطيران وعمرها بين 70 - 85 يوماً، لكنها لا تغادره مباشرةً ولكنها تبقى بجوار العش لتحصل على غذائها من والديها قرابة الشهر قبل أن ترحل بعيداً لتعتمد على نفسها، كما أنها تصل لسن البلوغ بين سن الرابعة والخامسة.
محمية ضانا للمحيط الحيوي
عُدْنا للسيارة لنستكمل رحلتنا لمحمية ضانا للمحيط الحيوي، التي تقع في منطقة الطفيلة، وتعد من أشهر المحميات ليس في الأردن فحسب ولكن في العالم، فهي تتميز بأنظمة بيئية مختلفة، وتعد من أكبر محميات المحيط الحيوي في الأردن تغطي مساحة تبلغ نحو 291 كم2، أنشأت عام 1993م، وقامت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بالأردن منذ إنشائها بتطبيق إستراتيجية تحافظ على التنوع الحيوي وفي نفس الوقت تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال دمج مشاريع المحافظة على التنوع الحيوي مع مشاريع اقتصادية اجتماعية، وأيضاً من خلال تطوير السياحة البيئية التي تخدم المجتمع المحلي، فأنشأت قرية سياحية، كما أسهمت في ترميم العديد من البيوت القديمة وأُنشأت عددًا من النزل البيئية، ليستفيد منها المجتمع المحلي من خلال استضافتهم للسياح وكذلك من خلال عملهم كمرشدين سياحيين وأدِلاء حتى النساء دُرِبن على عمل منتوجات من البيئة لتقوم الجمعية بتسويقها ليس في منطقة المحمية فحسب ولكن على مستوى المملكة الأردنية.
وصلنا محمية ضانا نحو الساعة الثانية ونصف ظهراً، وقد تم حجز غرفة في بيت الضيافة تطل على منظر غاية بالجمال، فالجبال شامخة أمامك بأشكالٍ تشعرك بعظمة المكان من حولك، وأسفل هذه الجبال ترى واديًا طويلاً يلتوي بينها ليشكلا لوحة فنية من صنع الخالق، ولا يتوقف الجمال هنا، فالأجواء من حولك تغازلك في كل لحظة تحلق الطيور المهاجرة أمامك ترتفع تارة وتنخفض تارة أخرى وكأنها مجبورة على مغادرة هذا المكان، ويزيد المكان حيويةً هو سماع أصوات الطيور المغردة من حولك، فهذا الحجل الشمالي يقدم أهزوجته، وذاك الحسون السوري ينشد أغنيته، وتلك الزرازير السوداء تصدع بأصواتها فيأتيك صداها ليكمل سمفونية طبيعية من صنع الخالق فسبحانك ربي ما أعظمك.
لا أدري كم مكثت أتأمل وأسمع نداء الطبيعة لمحمية ضانا، فقد وصل المنادي ليخبرني بوصول النسر المصري «وصال»، وبسرعة تجهزت، فشوقي لرؤية النسر المصري لا توصف، لأنها ستكون المرة الأولى التي سوف أمسك فيها هذا الطائر بين يدي، خرجت إلى موقف السيارات لبيت الضيافة، لملاقاة زميلنا من الجمعية الملكية لحماية الطبيعة أ. محمد الزعبي، وهو باحث علمي بالجمعية التقيت به في رحلتي الأخيرة للأردن، وذلك للعمل معه في تحليل نتائج المتابعة لنسرٍ أسود، والذي ثُبّتَ عليه جهاز متابعة وأُعِيدت له حريته في شهر نوفمبر من عام 2017م وفي نفس هذه المحمية، ليغادر الأردن بعد أسبوع تقريباً، حَلَّ ضيفاً على منطقة تبوك من بلدي الحبيب المملكة العربية السعودية، ليبقى فيها عدد من الأشهر قبل أن يتوقف الإرسال ونفقد الاتصال، وللعلم فهذا النوع من النسور يعد من الطيور المهاجرة العابرة وبأعداد قليلة في الأردن، أما في وطني الحبيب فيسجل وجوده سنوياً بين شهري ديسمبر وفبراير، وقد دلت دراسات المتابعة بالأقمار الاصطناعية للنسور السوداء، أن هناك مجموعات من وسط آسيا وجورجيا بشكل خاص تقضي الشتاء في مناطق متفرقة من بلدي الحبيب «السعودية».
ما أن تَوسّطنا موقف السيارات لمبنى بيت الضيافة حتى وجدنا أخونا محمد الزعبي وبجواره الأستاذ أشرف الحلح مدير محمية الشومري يقفان بجوار سيارة شاص غمارتين، وتحمل في حوضها الخلفي قفصين، أحدهما صغير بعض الشيء ويحوي بين أضلعه «وصال» النسر المصري، أما القفص الثاني فيوجد داخله العقاب الذهبي، الذي حلمت كثيرًا برؤيته عن قرب، فها أنا ذا أقف أمام ملوك التحليق بفي السماء، فالحمد لله الذي مكنني من ذلك هنا بمحمية ضانا في المملكة الأردنية الهاشمية.
أخذنا الطائرين (وصال والعقاب الذهبي) إلى مكان هادئ في أحد غرف مبنى إدارة المحمية، وبعد نقاش مع منسق البيرد لايف لمنطقة الشرق الأوسط أ. شريف الجبور، اتفقنا أن يتم تثبيت الجهاز بالمساء بعد أن يخلد السياح للنوم، فالمكان يعج بهم، كذلك استأذنا مسؤول المحمية للسماح لنا باستخدام أحد زوايا بيت الضيافة للعمل على تثبيت جهاز المتابعة، بعدها ذهبنا جميعاً إلى شرفة بيت الضيافة لنستمتع بمنظر غروب الشمس خلف جبال ضانا الشامخة، لنرى أنها قد امتلأت بالسياح لرؤية هذا المنظر المميز للمحمية، وحقيقة كان الغروب غاية في الجمال، فمع تحرك قرص الشمس خلف الجبال، تهدأ الأصوات، فلا يُسْمَع إلا قرقعة فلاشات الكاميرات توثق جمال المكان ولتحفر الذكريات واللحظات الجميلة في قلوب زوار محمية ضانا.
يتبع...
** **
أ. د. محمد بن يسلم شبراق - عضو هيئة التدريس بقسم الأحياء، كلية العلوم، جامعة الطائف - عضو اللجنة العلمية الاستشارية لمذكرة التفاهم للمحافظة على الطيور الجوارح والبوم المهاجرة بين إفريقيا وأوروبا وآسيا