نوف بنت عبدالله الحسين
في المطار عالم من التأملات...تجعلك تتأمل في حقائبهم... وجوههم...اختلاف أعراقهم ودياناتهم ولغاتهم... عالم من الدهشة... ولحظات من الترقب...
التقاط القصص الخفية التي تحدث في مضمار المطار... الكل يحمل جواز سفر يسمح بالمرور من المنطقة لأخرى... العوالم التي تحدث خلف الكواليس.. الزجاجة العملاقة شفافة جداً...تظهر حركة الطائرات وهي تعبر مدرجها...متجهة بالركاب نحو إكمال قصصهم في مكان آخر...
صور متلاحقة تحدث هناك... أحجام وأشكال من البشر والجماد... يجمعهم قدر الترحال والسفر... محطة انتظار ومغادرة ووصول... وتواصل مستمر في حلقات السفر المستمرة عبر هبوط وإقلاع...النداء الأخير...الركاب والأسطول الجوي... إغلاق الأبواب وربط الأحزمة....دعاء السفر والأدعية المستجابة...الوصول والتنقل... الذهاب والإياب... ومتعة الرحلة والترحال...
هكذا حياتنا...سفر في رحلة العمر...طفولة فشباب فشيب يغزو الشعر بلا رحمة..محطات تتأرجح ما بين مطبات الفرح والخذلان... تجارب وتعلّم... قوة وضعف... وترقب ورجاء... نسابق العمر فيسبق بنا سفراً قطعناه دون أن نشعر... نغادر أحبابنا ويغادرونا في اغماضة العين وتسليم الروح... فيصنع منّا الفقد ألماً...ويصنع استقبال صرخة وليد فرحة العمر...
للسفر رائحة الحقائب وجواز السفر واجهزة المرور والطوابير المتناثرة والحركة الدودية في كل مكان... فلسفة حيّة تدعو للتأمل.. هل السفر هنا للراحة ؟ أم للبحث عن لقمة العيش؟ أم رحلة علم طويلة؟ أم أنها قصة مخفية ورحلة للمجهول؟
تلك دروب السفر التي نسلكها مرتحلين بهويتنا وعقائدنا وأفكارنا وتاريخنا...نقدم أنفسنا سفراء للوطن...وما أجمل أن يعجب الغريب بوطنك من خلالك... خير سفير هو من يصنع الإعجاب والاحترام لبلده من خلاله... وتلك من أسمى الرسائل التي تقدمها في سفرك... اكتشاف كنوز السفر المخفية من متاحف وثقافات تحمل قصصاً حدثت في زمن ما تحكى للغرباء عنهم...كم يعلّمنا السفر الكثير والكثير... وكم يقدّم لنا السفر أروع التجارب وأمتع اللحظات.. تجدد فينا الروح وتبث بداخلنا طاقة الرجوع للعطاء...ونعود محمّلين بالكثير من الذكريات... ورصيد جميل من اللحظات.. وبهجة العودة من جديد للوطن..