نوف بنت عبدالله الحسين
أي ميلاد يحتاج إلى مخاض، وقد تتفاوت صعوبة المخاض ومدى الألم لتمكين الميلاد، وذلك لا ينطبق فقط على الآلية الفطرية في عملية الإنجاب، بل هو ديدن الحياة في كل ميلاد جديد... ميلاد فكرة ...ميلاد شعور... ميلاد اختراع...ميلاد قرار... ميلاد ارتباط.. ميلاد اعتناق.. وهكذا دواليك في معترك الحياة... من مخاض لآخر... ومن ولادة لأخرى.
حتى في العبادات نتجدد وننولد من جديد، نطمع في حج ينقينا لنكون كيوم ولدتنا أمهاتنا، ونطمع في مغفرة وبداية جديدة كلما اقترفنا ذنباً أو ضاقت بنا الحياة، فنعيد ميلادنا بشكل مختلف ، نتحرر من سلبياتنا. وننطلق لميلاد أجمل وأنقى نحو أفق متسع.
تحديات الحياة مخاض طويل... فما أن تنتهي من تحدِّ حتى تعود لتحدٍ آخر أصعب وأشد... ولكنها التجربة وعمق الحكمة وغريزة البقاء هي ما تجعلنا نواجه ذلك، ورغم الصعوبة إلا أنها تنجلي وقد تختفي بعد تمكين قدراتنا وأفكارنا في التعامل مع كل صعب ومزعج.
فلسفة الحياة تتطلب منا التعامل معها بحكمة، ونتأمل حركة الكون. فالظلام يتبعه مخاض النور وانبثاق الفجر. وحمم البراكين وانفجاراتها يتبعها ميلاد لتربة خصبة وألغاز وأسرار مدفونة، والعواصف الرعدية تتبعها خضرة ونماء..
فلا تكن مخاضات الحياة إجهاض للأمل وطريق لليأس، بل لتكن رحلة عميقة داخل أسوار النفس. وتنقية حقيقية لكل ما يلامس الجوهر الإنساني.. وأن لا نضيق رحمة الله الواسعة علينا.
فليكن الميلاد بداية أجمل... وانطلاقة أقوى... نحو حياة مشرقة.