د. صالح بن سعد اللحيدان
تقوم الحياة في أساس بنائها على الوعي الضارب في العمق اللاشعوري أعني الموهبة على كل حال كما تقوم على تحديد المراد الذي يسعى إليه الإنسان دون ريب ولعل من أهم القول في بناء الحياة هو صفاء الذهن والسير على منهاج القسطاس النيّر المبين .
لست أرمي هنا كما لم أرم من قبل إلى المثالية كلا لكنها مطلوبة في حياض مسؤولية الحياة الثقيلة .
فالمثالية ممكنة عند معالجة الإدارة ومراقبة الفكر مراقبةً مشوبة بالموادعة ومصادقة النفس لربط زمامها لئلاء تطغى هي فتحتال لتوقع الفكر برباط سبيلها دون شك .
إن المسؤولية كما أنبه كثيراً كلما ثقلت وكلما كبرت كان على الفكر بجانب العقل وكان على العقل بجانب الفكر أن يتقظى على سبيل دائم .
ليس هناك حسب تجارب الأمم الخالية وأساطير الحكمة والمسؤولية أضر من العجلة وأضر من العودة في القرار بعد إصداره حتى لو كان خطأ لأنه بالإمكان معالجة هذا الشيء بشيء من الأريحيه السياسية وتوزيع التراجع عن القرار على فترات حتى تكتمل الصورة على ما كانت عليه قبل ذلك .
والحياة قصيرة ومن المؤسف أن بعضنا يجعلها معنوياً أقصر من ذلك .
وليست المشكلة هنا بل وحسب تجاربي في مجال السياسة القضائية والتحليل النفسي التطبيقي على من يزورني إلا بتكرار الخطأ عينه أكثر من مرة .
ومن هنا قد يغفل المسؤول أي مسؤول عن الأخطاء فتتكرر تلك الأخطاء لكن بصور مختلفة ناهيك أنه قد لا تتضح الحقيقة لأنه قد لا يريد لاشعورياً لا يريد إلا هذا وهذه مشكلة قد تجر صاحبها إلى إيجاد سوء فهم له مع أنه يرى أنه مخلص .
ومع أن أبا جعفر المنصور واسمه ( عبدالله )وهو ثاني حكام الخلافة الإسلامية قد زل قد تجرأ فاحتوى الخصوم وجعلهم عمّالاً على المدن القريبة منه فقيل له في هذا فقال : عدوٌ ظاهر خير من عدو خفي .
ومع أنني قد أكون ضد هذه الفكرة لكنها تعطي صورة بيان كل شيء عن كل عدو في أي اتجاه كان مشربه وقد قمت في سنة 1401 بنقل ثلاثة من القضاة لّما علمت أنهم يحضرون في حدود العاشرة صباحاً بعد الإنذار فصلحت الحال حيناً من الدهر ولا شك أن قرب العدو أو الذي لا يوافق السياسة يكون خيراً من بعده إذا كان من ذوي القدرة والرأي بأي صورةٍ من الصور لا سيما الفكرية وهذه السياسة لم أزل أوصي بها المسؤولين حسب كل مسؤول وقدراته التنسيقية وقدراته العقلية حينما يرهبون الاستشارة في معضلةٍ ما وهي صالحة أيضاً طرداً حتى مع الأبناء ذوي الميول المراهقة ما بين سن 14 حتى سن 25 بشرط ألا يتنبه الابن أو تتنبه البنت إلى قصد الأب لكن هذه السياسة لا تنفع الأب ولا تنفع الأم إذا كان أحدهم ضعيف الشخصية أو هو يميل إلى كثرة العتاب والصراخ وشدة الملاحظة إنها تنفع بإذن الله تعالى مع الأب ذي الميول الأريحية واسع البال والذي يتغافل عن كثير من التفاهات التي لا تؤثر .
لست أرى بئساً في سريان التجارب بين الأمم .
ألست البيت مسؤولية تحكي الآمر والمأمور .
إذاً هذا يكون سارياً على أوضاع كثيرة تطبيقها يكون على شاكلة التدرج مع حذر التزلف مع الأولاد وحذر المتكسب وحماية الضعيف هذا هو سبيل البيت سواء كان صغيراً او كان كبيراً بل المدرسة والجامعة بل قل رئاسة مؤتمر له أهميته القصوى في تقرير مصيرٍ ما .
هذا ديدن الحياة فما لم يكن هناك ولا أصادق ونزاهةٌ طاهرة المعالم وأمانةٌ تضرب في أعماق القول والفعل دون ضعف ودون غفلة ودون تجاهل ما لم يكن كذلك فقد أرقم على الماء وقد أنفخ في رماد وقد يضيع ويذهب اللبن في حرارة الصيف .
ولهذا قال عمر :( لست بالخبء ولا الخبء يخدعني ) وحينما عزل عمر خالد عن قيادة الجيوش في الشمال قيل لخالد : ( إنها الفتنة قال خالد: كلا وابن الخطاب حي ) وهذه صورة تعني ثقل ولا تعني ثقل ونزاهة وأمانه خالد وتعني من باب واسع قوة عمر وموهبته حتى يكون خالد المشرف العام والمستشار الجليل وقد فعل خالد ذلك بقوة القوي وأمانة الأمين وصدق الموالي .
لست أرى من هذا ولست أرى من غيره إلا أن قوة العقل في سياسة الشعور بالمسؤولية ألا يغفل اللاشعور فتحتال النفس ويطمئن الخاطر فلا يجعل التنبه ديدنه .
ولهذا يخسر الأب مثلاً إلى لم يراقب أبنائه مراقبة الحكيم القوي من إذا قال فعل بسياسة الفطنة الداهية بجامع أن يكون الأبناء أسياداً ولو بعد حين طويل لكن هنا يحسن بالأب ألا تطغى عليه العاطفة فيترك كبائر الأخطاء في سياسة الحياة طمعاً في صلاح الحال .
هذا نفسه الذي يوقع البيت في شدةٍ من العنت وصعوبة التقويم .
وكم قد رأيت من حالات من مثل هذا كثيرة لأولئك اللذين ينشدون التوجيه أو هم ينشدون الرأي وهم يرغبون .
لكن يكون الأسف في تسويف التقويم وهذا وحده شاهداً يقوم على أننا أحياناً نلغي العقل من باب الرحمة والعطف والحنان .
ولهذا لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم على رجل آذاه قال له ذلك الرجل ( من للصبيان؟) قال صلى الله عليه وسلم : النار لا أدعك تقول في أسواق مكة خدعت محمداً مرتين .
هذا مثال قائم لا يزول من نبيّ هذه الأمة ولرسول الثقلين لا بد من الحكمة لا بد من البصيرة ولا بد في سياسة نهضة الأمم من أن تكون العاطفة خادمةً للعقل على مداومته حال لا تتحول ولا تزول في حالات كثيرة على وتيرةٍ واحدة في سابلة من علم مجرب أقول في علمٍ مجرب مكين .