أقامت إدارة تعليم محافظة الزلفي معرضًا تحت عنوان (رؤية وطن) احتفاء برؤية (2030)، وتفاعلاً معها. ولأن هذا المعرض الفني كان استثنائيًّا فقد انبعث في نفسي الرغبة لكي أكتب عنه بعد طول سكون، خاصة أن مَن حمل همّ الإعداد له وتجهيزه وترتيبه والاهتمام بأدق تفاصيله فتيات مخلصات، تشربن حب الوطن كفطرة سوية، غذيت بفكر ديني وسطي، أحب نشر الفن وجماله كثقافة، والسعي لتطوير ذائقته الفنية والجمالية في نفوس كل المشاركين فيه من فنانين وفنانات، لأول مرة يشاركن في معرض فني، ولكل الزائرين له، ولأفراد المجتمع كافة، بعد أن كان لا يرى الكثير من أفراد المجتمع للفنون أي قيمة تذكر في هذه الحياة.
فتيات أثبتن أنهن قادرات على العطاء متى ما أُتيحت لهن الفرصة، ومُنحن الحرية بقيادة الأستاذة المشرفة بدور الحمد مديرة نشاط الطالبات، ومعها خلية نحل من الموظفات والطالبات، فكنّ سواعد بناء، وأردن في ذلك اليوم أن يَعشن ويُعشن غيرهن فرحة هذا الوطن بأبهى حلله وجمال زينته؛ لذا كان همهن الأكبر ماذا يقدمن لهذا الوطن الذي قدم لهن الكثير، وأعطاهن الكثير كوفاء منهن له؛ فتكونت للإعداد لهذا المعرض الاستثناء ورشة عمل منهن، على إثره تم إعطاؤهن الضوء الأخضر من سعادة مدير التعليم بالمحافظة الأستاذ محمد الطريقي، ومن سعادة المساعد لمدير التعليم لشؤون البنات الأستاذة نورة الفرهود، وتم منحهن مزيدًا من الثقة والحرية والاتكال بعد أن نلن كل الدعم بعطاء لا يعرف الحدود، فبدأن بالتخطيط بعد أن قوبلت فكرة هذا المعرض بالإعجاب، فكانت ورشة هذا العمل تعمل للنجاح، ولا شيء سواه، فدُعي للمشاركة فيه فنانو وفنانات محافظة الزلفي عبدالمحسن الطوالة وسعيد الزهراني وعبدالله الحميدي وزينب الرويشد ولطيفة الغانم وأسماء المسعود وسمر الدريويش ومها العامر وابتسام الجارالله وبشاير الحيدان وروبي العواد.. وتم التواصل مع الجميع بدون كلل أو ملل.. فالمسألة مسألة نجاح أو فشل، وتم وضع الخطط للإعداد له على أرض الواقع. وأولى هذه الخطط اختيار اسم للمناسبة، فوقع الاختيار على (رؤية وطن)، ومن ثم اختيار المكان المناسب، فوقع الاختيار على القاعة الماسية للاحتفالات، فكانت بداية الانطلاقة نحو النجاح، فبدأن بالإعداد له وتجهيزه كقاعة عرض تليق بهذا المعرض وبمناسبته، وذلك بترتيب اللوحات والمعروضات والمجسمات بشكل فني جميل، أبهر الزوار عند الافتتاح، فقد تمتعت أعينهم بمعرض فني كأنه حديقة غناء، تزينت بأجمل الزهور وأنواع الورود، فكانت تلك اللوحات بطريقة عرضها الجمالي تتلألأ كالشموع في ليلة الميلاد، وكان للحضور النسائي المشارك كفنانات أو كمعدات له والمساهمة بتنظيمه حظوته؛ فلهذا كان للفنانات منهن مساحة من الإبداع لم يكن ليحصلن عليها لولا الله، ثم إتاحة مثل هذه الفرصة لهن ليثبتن أنهن عنصر فعّال في بناء المجتمع وتطوره ونهضته بالأصعدة والمجالات كافة.. فلقد استنارت محافظة الزلفي في ليلة افتتاح هذا المعرض يوم أن استدارت فكريًّا لتعكس بهذا المعرض مفهوم التهميش للفنون، فكان هذا المعرض الفني ونتيجة لهذه الاستدارة الفكرية كرنفالاً فنيًّا، أسعد وأبهج كلن زاره، وتمتع بعذوبة معروض فنه.
وبعد نجاح هذا المعرض تأتي مرحلة التساؤلات: هل ستكون ولادة مثل هذا المعرض بداية انطلاقة، وتتحمل إدارة التعليم بمحافظة الزلفي على عاتقها همه الفن، والسعي لتطويره والاهتمام به وبكل المبدعين فيه من ممارسين له كهواة أو متخصصين، أو من طلاب وطالبات، والأخذ بأيديهم نحو الرقي به وبنهضته وتطويره والسعي لتجديده؟.. وهل يكون هذا المعرض شمعة أمل ووقودًا للهمم؛ ليشكل نقلة فنية نوعية لمحافظة الزلفي؟ أقولها بكل صراحة وشفافية، وبما أعرفه عن إدارة التعليم بمحافظة الزلفي بأنها قادرة على ذلك، فقد نجحت في تنظيم مهرجانات ولقاءات على مستوى الوزارة، وهذا سيسهل عليها أن تنجح في إحداث هذه النقلة الفنية النوعية المتميزة التي تعنى بالفنون وأهلها؟
وأخيرًا أوجه رسالة إلى مدير التعليم بمحافظة الزلفي الأستاذ محمد الطريقي ولسعادة المساعد لشؤون البنات الأستاذة نورة الفرهود بأن الأمم العظيمة هي من تهتم بمبدعيها ابتداء بشبابها وفتياتها أيًّا كانت اهتماماتهم وبطاقاتهم الفكرية والعلمية.. وأنتم أهل لهذه القيادة، وذلك بمعرفتكم بكل السبل التي تهتم بها وبعنايتها ورعايتها.. وليكن هذا المعرض أو هذا الكرنفال الفني الذي كان لكم دورٌ كبيرٌ في نجاحه شرارة الانطلاقة وبداية خطوة نحو العلا والمجد والعز والفخر بهمم لا تلين، وبعزم لا يستكين.
وقبل الختام أقدم شكري لكل الداعمين لهذا المعرض من أفراد وشركات؛ فقد كانوا شركاء في النجاح، كشركة نجوم السلام ولمسات للدعاية والإعلان وبقية الشركات.
** **
- عبد الله الحميدي