«الجزيرة» - متابعة محمد المنيف:
يفتتح غدًا السبت في ساحة المريجة، وبيت السركال في ساحة الفنون في إمارة الشارقة، معرض الفنان الراحل حسن شريف (1951 - 2016)، الذي يحمل عنوان (فنان العمل الواحد)، وقامت على تنظيمه مؤسسة الشارقة للفنون ويستمر لغاية 3 فبراير مستعيدة فيه مؤسسة الشارقة للفنون أكبر تنوع لمنجز هذا الفنان الإماراتي الرائد ومسيرته الفنية الاستثنائية، مسلطة الضوء في هذا المعرض على خمسة عقود من ممارسة الفنان حسن الشريف الفنية في مجالات الرسم، والنحت، والتجميع، والأعمال التركيبية، والتصوير الفوتوغرافي، إضافة لأعمال تعرض للمرة الأولى.
كما سيحتوي هذا المعرض على استوديو حسن شريف، الذي جرى التبرع به مؤخرًا لصالح مؤسسة الشارقة للفنون بما يتيح مقاربة تجربته وعوالمه على نحو لا سابق له. هذا ويعدّ هذا المعرض تتويجًا للأدوار الاستثنائية التي اضطلع بها شريف طيلة مسيرته الفنية، بوصفه إحدى دعائم الحداثة والمعاصرة فنيًا وفكريًا في دولة الإمارات، وخصوصًا إمارة الشارقة التي شهدت أولى معارضه، عدا عن مشاركاته المتعددة في بينالي الشارقة ابتداءً من دورته الأولى عام 1993.
وفي هذا السياق قالت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، قيّمة المعرض ورئيس مؤسسة الشارقة للفنون: «كان الفنان الراحل حسن شريف صديقًا عزيزًا وشخصية تأسيسة في مجتمع الفن المعاصر في إمارة الشارقة وداعمًا رئيسًا له. وكان لنا شرف العمل معه ومواكبة منجزه الفني منذ مشاركته في بينالي الشارقة الأول عام 1993».
وأضافت: «وها نحن الآن نستعيد أعماله ومسيرته الفنية عبر هذا المعرض النوعي في إمارة الشارقة الشاهدة على منجزه الإبداعي وأنشطته المجتمعية والفكرية، واضعين منجزه في سياق متسق في تجلياته ومراحله وتنويعاته».
يعتبر حسن شريف أبو الفن المعاصر في دولة الإمارات العربية المتحدة، ورائد الفن المفاهيمي والتجريبي في المنطقة. بدأت مسيرته الفنية في سبعينيات القرن الماضي، متخذًا نهجًا خاصًا به جعله بمنأى عن السائد والتقليدي وعلى شيء من الحداثوية الراديكالية متأثرًا بحركات فنية طليعية مثل فلوكسيسم والبريطانية البنائية، وعليه يأتي هذا المعرض محتويًا الجزء الأكبر من أعماله المفاهيمية بدءًا من سبعينيات القرن الماضي وصولاً إلى 2016 سنة رحيله عنا، ولتكون أعماله المستعادة في هذا المعرض كشافًا لرؤاه الفلسفية والاجتماعية المتعلقة بالزمن، والحياة اليومية، والأنظمة الحسابية، وقد جرى اقتباس عنوان المعرض من مقال كتبه شريف عام 1989 واصفًا فيه إيمانه بأن «الفنان يحتل زاوية خاصة به - يمكن وصفه بزاوية الفنان - مكررًا إبداع عمل واحد طيلة حياته».
كما سيحتوي المعرض رسومات شريف الكاريكاتورية والقصص المصورة المنشورة في الصحف في السبعينيات، التي سبقت تحوله الجذري نحو الفن التجريبي والمفاهيمي. كما تكشف الأعمال المعروضة عن تعمّقه بالصناعة والتصنيع والإيقاع الزمني السريع للعولمة التي عاشتها دولة الإمارات.
وفي سياق متصل يحتوي المعرض ما يمكن اعتباره سلسلة أعمال بعنوان «نسج» متأسسة على المزج والتجميع وموضوعات على اتصال بـ «علم الآثار الحضرية» المعدة من مواد ذات كلفة بسيطة جرى جمعها من الأسواق الإماراتية وانتجت على نحو جماعي، ومن الجدير ذكره أن هذه المنسوجات شكّلت بالنسبة لشريف عملية حوّل من خلالها الفائض الصناعي إلى فن، وهذا ما بات يعرف بعملية التكرار اليدوية الخاصة بربط المواد التي مارسها شريف على نطاق واسع.
ويأتي ما عرف بالأعمال «شبه النظامية» ليكمّل فضاء تجربة شريف الفنية، وخصوصًا في الثمانينيات حين فتنته النظم وبناؤها ومنهجيتها، مجسدًا إياها على هيئة رسومات تفسر التعليمات، والإجراءات، وقواعد التكرار التي طورها، ليخرج منها بتكوينات وأشكال هندسية، ولتنعكس أيضًا في صوره الفوتوغرافية ورسوماته وملاحظاته التي توثق «تجاربه» و»عروضه الأدائية» في الثمانينيات، التي تصوره يمشي أو يحفر أو يقفز، أو يجر حبلاً في الصحراء أو الاستوديو الخاص به. هذا ويتكامل مع ما تقدّم عمل تركيبي يحاكي استوديو حسن شريف الذي تم التبرع به لمؤسسة الشارقة للفنون من قبل «القائمين على تركة حسن شريف» وذلك لصالح الأجيال المقبلة من الفنانين والطلاب الإماراتيين، إِذ سيتم في المعرض إعادة تركيب جميع عناصر الاستوديو الخاص به، بما في ذلك أدواته والمواد التي استخدمها.. هذا وقد قامت مؤسسة الشارقة للفنون بإصدار «كتالوج» شامل عن تجربة وأعمال حسن شريف (بالعربية والإنجليزية) يتزامن مع إقامة المعرض متضمنًا مقالات بقلم الفنان حسن شريف، والشيخة حور القاسمي، والفنان الإماراتي محمد كاظم، والشاعر الإماراتي راشد الخالد. كما سينتقل المعرض إلى مواقع دولية شريكة حول العالم بعد اختتامه في إمارة الشارقة.