أ.د.عثمان بن صالح العامر
الوداع مر، والفراق ألم ، ولكنها سنّة الله في الحياة، نزول فارتحال. لقد كان منزلك صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز، منذ ليلة الشتاء الباردة التي قدمت فيها حائل في شهر شعبان عام 1420 هـ، وحتى اليوم وإلى الأبد بين حنايا الحائليين، ومكانك الذي استقرَرْت فيه قلوب المواطنين .
كانت ومازالت وستظل مشاعرنا فياضة بحبكم، وألسنتنا لاهجة بذكركم، وفِي نوافلنا الدعاء لكم بأن يحفظكم الله ويرعاكم، ويسدد على الخير خطاكم، أينما كنتم وفي أي أرض حللتم.
صورتكم لن تنمحي من الذاكرة، وصدى صوتكم سيردده أجا من منصة المغواة ليُسمعهُ محبوبته سلمى، وخطواتكم المباركة ستبقى محفورة في رمال النفود، لن تستطيع رياح التغيير وعواصف الصيف أن تزيل معالمها حتى لو تعاقبت الراليات وتوالت السنوات، وإبهامكم الذي رفعتموه في لحظة فرح صادق بإنجاز حائلي صرف صار بصمة لكم أنتم سمو الأمير، وستبقى تلك الحركة المعبرة علامة جودة لكل منجز على أديم ثرى الجبلين، كنتم رعاكم الله يوماً ما مَن وضع حجر أساسه أو طالب به وسعى.
لم تكن ليلة الاثنين الماضي ليلة حائلية عابرة، بل سجّلت فيها الكلمات بوح الخواطر، والتقطت فيها الكاميرات وداع الجماهير وهي تصافحك بقلوبها قبل أن تمتد أيديها ليدك الكريمة مودعة ومباركة لسعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز الثقة الملكية الغالية بتعيينكم مستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أدامه الله -.
لقد مرّت سنوات العطاء الثماني عشرة سريعاً، ولكنها وإن رحلت أيامها فإنّ منجزاتها شاهدة لسموكم ولمن عمل معكم وتحت إدارتكم، ببذل ما في الوسع من أجل التنمية الحائلية التي ينشدها الجميع، ويتطلع لها الكل، ويوجّه ويتابع ويستحث الهمم لإنجازها قادة بلادنا وولاة أمرنا. رحم الله من مات منهم، وحفظ وأدام الأحياء ووفقهم لكل خير.
عزاؤنا في فقد محياك صاحب السمو أنّ جسور الود باقية، والأرواح متلاقية، والقلوب محبة صادقة، ووشائج التواصل ستظل دائمة بإذن الله، عزاؤنا أن خَلَفنا في غيبتك صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز الذي عرفناه محباً مخلصاً لهذا الجزء من الوطن الغالي «إنسانه وأرضه»، «حاضره ومستقبله».. عرفناه قابضاً في قلبه وعقله ويده مبضع الجراح، يتقصى مسارات الألم ويكشف عن مواطن الوجع اليومي، فيبادر في البحث عن العلاج مهما كان الثمن، عرفناه قريباً من نبض الوطن، مرهفاً حسه لسماع صوت المواطن، مشاركاً له - بكل تواضع وإنسانية - أفراحه وأتراحه.. عرفناه كما أنتم - حفظكما الله - خير ممثل لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد في هذا الجزء من الوطن المعطاء المملكة العربية السعودية.
إننا نعاهد الله ثم نعاهدكم أصحاب السمو الملكي الأمراء، الدوحة السعودية المباركة، قيادة بلادنا العازمة الحازمة الحكيمة، أننا على العهد باقون، ولكم في كل وقت وحين داعون. حفظ الله عقيدتنا، وحرس قادتنا، وحمى بلادنا، ونصر جندنا، ووفّق علماءنا ودعاتنا لكل خير، ووقانا جميعاً شرّ من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام