أ.د.عثمان بن صالح العامر
ليس هناك منزع عذر ولا باب اعتذار لأي مثقف خليجي ومغرد سياسي وكاتب صحفي وداعية جماهيري صادق في انتمائه الديني والوطني والإنساني، مؤمن بوحدة المصير، معتقد بوجود عدو مشترك يتهدد دول المجلس بلا استثناء، أقول ليس هناك عذر لأن يلتزم أيٌّ من هؤلاء الصمت إزاء الأزمة الحقيقية التي تمر بها المنطقة، مدعياً الحياد (زمن الفتنة!!) خاصة أن هناك من التسريبات ما يكشف عمق المأساة وسوء الطوية من قبل حكام قطر الذين ربما لا يتقنون مهارة قراءة الأحداث المفصلية وتحليلها، ولا يعرفون جيداً الوزن الحقيقي للمملكة العربية السعودية، ولا هم يثمّنون مواقفها الرسمية والشعبية مع دول الجوار حكاماً ومحكومين، وقد يجهلون شيئاً عن شخصية قائد العزم والحزم رجل التاريخ «قراءة وصناعة وتسطيراً» خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمد الله في عمره ونصره على أعداء الدين والوطن.
نعم، لا أحد من النخب الخليجية ومثقفيها -فضلاً عن شعوبها وعامتها- لا يسره أن يرى دول مجلس التعاون بلا استثناء مستقرة آمنة مطمئنة متكاتفة متعاونة، تتسابق وتسابق في التطور والتقدم الحضاري والثقافي، ولكن هل يعتقد هؤلاء أن هناك أملًا في تحقق كل هذا وهناك مِن بين مَن يجتمعون على طاولة الحوار والمداولات -السياسية أو الاقتصادية أو الفكرية أو الإعلامية- مَن يطعن جلساءه في الظهر، ويفسد كل مشروع خليجي يهدف لقطع دابر الإرهاب، وينشد قصم ظهر التطرّف؟ أكثر من هذا تذكر التقارير الرسمية وتؤكد الدراسات المتخصصة الصادرة عن مراكز عالمية معروفة أنه هو من يقوم بتمويل الإرهابيين واستضافة رموزه ومفكريه، والطامة والفاجعة أنه يجهر بسياسة الضد ويعلن ما يعدّ خرقاً لوحدتنا الخليجية، وتاريخ قناة الجزيرة شاهد، واستقطاب أمثال عزمي بشارة ويوسف القرضاوي وغيرهما من قادة جماعة الإخوان المسلمين المصنفة على أنها من الجماعات الإرهابية المتطرفة برهان، والارتماء في أحضان بلاد فارس حيث دولة ولاية الفقيه أقوى دليل.
إن الإستراتيجية الخليجية، بل العالمية الموحدة الرامية لحماية البلاد والعباد من ويلات الحرب الإرهابية الدائرة في المنطقة العربية عموماً، التي تغازل خليجنا العزيز وتتطلع للوصول إلى بلادنا المباركة أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، هذه الحرب المدمرة تحتاج تضافر الجهود والعمل المشترك بعيداً عن محاولة أي دولة من دول الخليج أو غيره حرق المراحل وقفز الحواجز من أجل لعب الدور الذي لا يتوافق مع الإمكانيات ويتعارض مع ما هو قائم ومسلم به من جميع دول العالم.
هناك صوت نشاز حاول خلال الأيام الثلاثة الماضية أن يروج لحكاية أن سبب الأزمة هو ادعاء الوصاية والتدخل المباشر من قبل المملكة في سياسة قطر الخارجية، وهذا من الافتراءات التي لا تصمد كثيراً أمام النظرة السريعة لما هو عليه الحال في جميع دول الخليج بلا استثناء، إذ إن لكل دولة سياستها بشرط ألا يكون فيها ضرر على أي كيان مستقل من دول الجوار.
لقد طعنت قطر نفسها بنفسها جراء (خداع الذات)، إذ إن الثقة المطلقة بالنفس المبالغ فيها جعلها تتصرف كلاعب وحيد في المنطقة، بل في العالم العربي عموماً، فجنت على شعبها قبل غيرهم الذين هم جزء من الحل إن هم امتلكوا الإرادة وكانت منهم المبادرة والعزم، فهم أمام منعطف تاريخي خطير وتحدٍّ مصيري صعب، عليهم أن يواجهوه بشجاعة من أجل قطر. حفظ الله خليجنا، وأدام عزنا، وأخزى عدونا، ونصر جندنا، ووقانا شرّ من به شرّ، ودمت لنا أيها القائد الرمز سلمان العز، وإلى لقاء والسلام.