أ.د.عثمان بن صالح العامر
لا أحد يفرح لتصدع البيت الخليجي إلا من هو عدو لهذا الكيان العزيز، أو في قلبه مرض، أو أنه جاهل بالعواقب وليس لديه معرفة وفقه في المآلات المستقبلية الحكومية والشعبية العقدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية حين يحدث شيء من هذا لا سمح الله، ومع ذلك فإن ما تكرَّر من قبل القيادة السياسية في دولة قطر الخليجية هو فعل يومئ إلى أن هناك نية مبيتة وإرادة مضمرة لإحداث الخلخلة الساعية لتصدع خليجنا العربي، وهذا - إن صدق بكل تفاصيله التي يتحدث عنها الكل - فهو للأسف الشديد بمثابة التحدي الصارخ لوحدتنا الإقليمية، والخروج العلني من مجلس تعاوننا الخليجي.
# فالارتماء في أحضان إيران بشكل غريب وبطريقة استفزازية مع علم أمراء وشيوخ الدوحة اليقيني بالعداء السافر والحرب المعلنة من قبل الساسة الإيرانيين - على أساس طائفي عرقي عنصري بغيض - ضد السنة عموماً ومنطقة الخليج خصوصاً، والمملكة العربية السعودية على وجه أخص.
* وتبني الإطروحة الإخوانية واحتضان قادتهم المتنفذين والتسويق لفكرهم السياسي الخطير، رغم أن هذه الجماعة المتطرفة مصنفة من قبل عدد من الدول العربية والغربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ضمن منظومة القوى الإرهابية المحظورة لأسباب لا تخفى على الأب والابن على حد سواء ولكن...؟! .
* أضف إلى ذلك توظيفها قناة الجزيرة للهجوم المؤدلج والمغازلة الدائمة لخطوات الخليج السياسية والاقتصادية والعسكرية ، و...
أقول إن هذا السلوك المستهجن بأبعاده السابقة يثير كثيرًا من علامات الاستفهام، ويجعل المواجهة والمصارحة مع حكومة قطر أمرًا لابد منه حتى لا يستباح الحمى ولا تغرق السفينة، ومن أجل ألا تتكرر الخروقات وتتعدد المبررات الواهية والحجج الباطلة من قبل مرتكبي الخطيئة، ولإقناع الشعوب الخليجية المتطلعة لوحدة حقيقية شاملة أن هناك من ساسة الخليج من هو في خندق العدو وإن أظهر غير ذلك.
نحن شعوب المنطقة قاطبة نعتقد جازمين أننا صرنا في مرحلة متقدمة عمّا كان عليه حالنا من قبل، إذ إننا اليوم نتطلع بقيادة سلمان العزم والحزم إلى وحدة عربية بل إسلامية، يكون لها وزنها الحقيقي حين صناعة القرار السياسي العالمي، ويصبح لها أثرها الفعلي في التحركات الدولية بشكل مباشر، فكيف بمن كنّا نعتقد يقيناً أنهم معنا في جميع خطواتنا الساعية لحماية المنطقة وتجنيبها الحروب والويلات صاروا اليوم في الاتجاه المعاكس للأسف الشديد؟!
إن الإنسان الخليجي- أياً كان موطنه- ليحزن أن يكون هذا من قطر أو غيرها في هذا الوقت بالذات، والقارئ في صفحات الصحف والمجلات والمتصفح لمواقع وحسابات العالم الافتراضي الحرّ يدرك حجم الغضب المجتمعي وخيبة الأمل التي مُني بها الشاب القطري والفتاة القطرية قبل غيرهما من أبناء الخليج العربي، الذين ذهبوا يحاولون تعزية أنفسهم وتصبيرها بالخروقات المخطط لها لمواقع الدولة الرسمية، مدعين أن هناك من يسعى جهده لإفساد فرحتنا بنجاح قمم الرياض، وما زال الشارع الخليجي ينتظر عودة الوئام لأسرة الخليج السياسية بعيداً عن الإملاءات الخارجية والمؤثرات الآنية والتوجهات الحزبية والتيارات الإرهابية المتطرفة التي قد تحجب الرؤية الصحيحة للمستقبل المتوقع متى ما تشتت الجمع وانفرط العقد ودب الخلاف واستوطن شياطين الإنس والجن الذين لا يريدون لنا ولا لمنطقتنا خيرا، والإعلام في الفضاء الخليجي عموماً- القديم منه والجديد- مطالب بأن يلعب دوراً أساسا في رأب الصدع وتقريب الأشقاء بعضهم البعض، لا النفخ في النار وإعانة الشيطان على بَعضُنَا البعض. حفظ الله خليجنا، وأدام عزنا، وأخزى عدونا ونصر جندنا، وأبعد عنا حسد الحاسدين وحقد الحاقدين ومكر المخادعين ووقانا شر من به شر، اللهم آمين، وإلى لقاء والسلام.