أ.د.عثمان بن صالح العامر
هناك لحظات تمر بالإنسان يصعب على الحروف أن تعبر عنها وتتقازم الكلمات والعبارات أن تفيها حقها، بل لا أبالغ إن قلت إنّ كاميرات المحترفين، وسنبات المشهورين، وتغريدات المبدعين، وحديث المفوّهين، ومقالات المثقفين تعجز أن تقول لنا وتنقل تفاصيل المشهد الذي لا يمكن أن يُمحى من الذاكرة.
مساء الاثنين الماضي لم يكن كالمساءات التي اعتدنا أن نحضرها للمشاركة في مناسبة يقال عنها إنها «رسمية» .
- لقد تجلّت في ذلك المساء الذي حمل شعار (تراحم .. تفريج كربة) شخصية صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز التي جمعت خصال الخير كلها، المحبة والوفاء، الكرم والجود، التواضع والتلطف، يتوج ذلك ويطرزه تحفيز وتشجيع بالفعل والقول مادياً ومعنوياً ومن منطلق ديني وإنساني ووطني، فلك سمو الأمير أجزل عبارات الشكر، وأعبق كلمات الثناء والتقدير.
- تجلت في هذه الحملة المباركة الشخصية الحائليّة بكرمها، بسجيتها وطبيعتها المتفائلة الفرحة، بتكاتفها وتعاونها الذي لا يعرف للنخوة والمساعدة حدا، بحبها لصنائع المعروف وتسابقها في ميادين البذل والعطاء.
- لقد حضرت تلك الجموع المباركة لإحساسها بوجع القابعين خلف القضبان جراء تحمل ذممهم ديناً عجزوا عن سداده، حتى أولئك الذين تعذر عليهم الحضور بأجسادهم كانت مشاعرهم وعواطفهم تسبق مبالغهم النقدية التي جادوا به لإخوانهم أصحاب الذمم المشغولة، بل إن الموتى- رحمهم الله- كان منهم الحضور لتفريج كربة وإخراج سجين.
- في ذلك المساء تجلت صورة التعاون والتكاتف والتناغم بين السلطات الرسمية، إذ حضرت السلطة القضائية حضوراً مؤثراً وفاعلاً لم يسبق له مثيل، وشاركت السلطة التنفيذية في رسم معالم هذا المشهد الرائع بكل تفاصيله منذ البداية وحتى لحظة وصول السجين المفرج عنه إلى أسرته في وقت قياسي عجيب، أما عن السلطة الرابعة «الإعلام الجديد منه والقديم» فقد أبدع في رصد فعاليات هذه الحملة المباركة منذ ميلادها فكرة وحتى هذه اللحظة وما زال .
- ولم تنتهِ تفاصيل الحكاية بعد، إذ وقفت عند سيارة سمو الأمير امرأة يقبع ولدها في السجن لتعلق ذمته بِدَيْن، توقف سمو الأمير في مشهد مؤثر، ووجّه - وفقه الله وفرج عنه كرب الدنيا والآخرة - بعد أن استمع لشكواها بكل أدب واحترام تسديد دين فلذة كبدها وجعله يتسحر معها، كان يجيبها على استجدائها: «أبشري .. على ها الخشم» ، تسلم طال عمرك (عليه الشحم).
لقد سجّل إعلاميو حائل حضورهم المميز والمتميز، وتناقلت حسابات السوشل ميديا- بكل فرح وغبطة وسرور- طرفاً من قصة مساء فرع جمعية تراحم بحائل، وهم في فعلهم هذا يدونون في صفحات التاريخ وعبر حسابات العالم الافتراضي المفتوح أن الحائليين بقيادة أميرهم عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز «وجه السعد» استطاعوا أن يجعلوا الفرحة ترفرف على 100 بيت في ليلة من ليالي رمضان المبارك عام 1438 للهجرة، فشكراً من القلب لسمو الأمير، للباذلين المنفقين، للمنظمين والمنسقين، للشباب المتطوع، للإعلاميين والمغردين والسنابيين، لكم أنتم جميعاً أيها الحائليون فقد رسمتم بصنيعكم هذا لوحة الجسدية الواحدة والصف المرصوص، رسمتم الالتفاف خلف قيادتكم الحكيمة المحبة للخير الداعمة له، استطعتم بهذا الفعل وما ماثله إدخال السرور في نفس المحب في أي مكان كان، وإغاظة العدو الذي يتمنى أن نكون في هذا الوطن المتكاتف المتعاون المتراصّ فرقاً وأحزابا.
حفظ الله أمننا، وأدام عزنا، ونصر جندنا، ووفق ولاة أمرنا، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.