«الجزيرة» - وهيب الوهيبي:
طمأن سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الجميع بأنه بصحة وعافية، ويمارس عمله الإداري في إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض بشكل يومي، وأرجع غيابه عن منبر الجمعة الأسبوعي إلى عامل السن، وتكليف ابنه بالخطابة بالنيابة عنه.
وأكد سماحته في معرض إجابته لـ(الجزيرة) في منزله بالعاصمة الرياض بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك أن لجنة شرعية موثوقة أكدت صحة بداية إمساك الصيام، موضحًا أن آراء المشككين في التوقيت لا يُلتفت لها.
وتناول سماحة المفتي عددًا من أحكام الشهر الكريم التي تهم المسلم في صيامه من خلال الحوار الآتي:
بصحة وعافية
-قبل أن نستهل الحوار طمئن الجميع عن الحالة الصحية لسماحتكم..
الحمد لله أنا بخير وصحة وعافية وأمارس عملي الإداري بشكل يومي في إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض، وألتقي الضيوف والزوار والمستفتين، ومتواصل في علاقاتي الاجتماعية وبرامجي الإعلامية.
غياب
- لكن سماحة الشيخ.. لم نعد نراك خطيبًا في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض..
مهمة الخطابة في الجامع أسندتها للابن (عبدالله)، وهو يقوم بهذا الدور بشكل أسبوعي، وربما لعامل السن لم أعد قادرًا على القيام بمهمة الخطابة، وأسأل الله أن يكتب لي ما فيه الخير والسداد.
استقبال رمضان
- ونحن سماحة الشيخ نستقبل رمضان.. ماذا ينبغي أن يكون عليه المسلم في هذا الشهر؟
المؤمن يفرح بقدوم شهر رمضان لينال من خيره، ويعد العدة لاستقباله بما يليق به من الاستعداد للطاعة؛ فالله -عز وجل- اختص هذه الأمة فيه بمزيد من الفضل والإنعام، وجعله موسمًا من مواسم الخيرات؛ لينالوا فيه أعظم الدرجات، ويفوزوا بمضاعفة الحسنات والعتق من النيران.
وشهر رمضان شهر تضاعف فيه الحسنات، وتكفر السيئات.. فيه تفتح أبواب الرحمة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين. ولله في كل ليلة من هذا الشهر عتقاء من النار؛ لذا هو فرصة عظمى للمسلم للاستكثار من الخيرات والتقلل من المعاصي وتفقد المحتاجين وتفطير الصوام والبعد عن الغيبة وبذاءة اللسان وتجديد التوبة والإنابة.
تواصي بالحق
- وماذا يجب العناية والتذكير به مع مطلع الشهر الكريم؟
ما يجب التذكير به ونحن في إقبالة هذا الشهر هو التواصي بالحق، وأن يذكِّر بعضنا بعضًا امتثالاً لأمر ربنا {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، إلى جانب تجديد التوبة وتزكية النفوس.. فإن هذا هو طريق الفلاح؛ فالتوبة واجبة على المسلم كل وقت، وحين يقول الله -عز وجل-: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}، ويقول أيضًا - عز وجل - {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحًا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار} فالله سبحانه يتوب على عبده ما دام العبد ذاكرًا ربه، عالمًا أن له ربًّا يغفر الذنوب، وأنه كلما أذنب جدد التوبة، ولم يصر على معصية ربه. المقصود أن علينا جميعًا تجديد التوبة ومعاهدة النفس على الالتزام بطاعة الله ورسوله، فإن زلت بنا القدم فلنبادر بالتوبة. والحذر من التسويف في التوبة والتأخر فيها.
توقيت أم القرى
- هناك من يشكِّك في بداية إمساك الصوم والاعتماد على توقيت أم القرى.. ما تعليق سماحتكم على مثل هذه الآراء؟
توقيت أم القرى صحيح ومعتمد من قِبل العلماء، وشُكِّلت لجنة موثوقة من قبل الدولة بهذا الخصوص، وأكدت اللجنة أنه مطابق تمامًا للتوقيت المحدد في تقويم أم القرى، وليس فيه تقدم أو تأخر، وإنما هو مطابق للواقع، وما يثار من تشكيك حول صحته لا أصل له، ولا يلتفت إليه؛ فهي آراء غير صحيحة وبعيدة عن الحقيقة.
دعاء القنوت
- ما توجيه سماحتكم لأئمة المساجد بشأن دعاء القنوت؟
أوصي أئمة المساجد عند دعاء القنوت في صلاة التراويح بالاقتصار على جوامع الدعاء الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وعدم الإطالة على المصلين إطالة تشق عليهم وتصيبهم بالملل، كما أن عليهم اجتناب التكلف واستخدام السجع، وإظهار الحاجة والافتقار إلى الله سبحانه.
موائد الإفطار
- هناك من ينشر صور لسفر موائد إفطار رمضان عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. ما توجيهكم؟
لا ينبغي للصائم أن يعمد لنشر صور لسفر موائد إفطار رمضان، ويتناقلها عبر الهواتف المحمولة ومواقع التواصل الاجتماعي بداعي التباهي والتفاخر في أوساط الناس؛ لأن هذا السلوك قد يدخل الإنسان في الرياء الذي جاءت السنة النبوية بالنهي عنه.
عمرة رمضان
- تكرار العمرة في رمضان بدافع الأجر والثواب.. ماذا تقول لهؤلاء؟
أداء العمرة في شهر رمضان من الأعمال الصالحة التي يؤجر عليها المسلم إلا أنه في الوقت الذي يشهد فيه الحرم المكي ملايين من المعتمرين من مختلف دول العالم، وما يؤدي ذلك من زحام وضيق، فإني أدعو الذين اعتمروا في رمضان إلى أن يعطوا الفرصة لإخوانهم المعتمرين الآخرين؛ لكيلا يضر بعضهم بعضًا، وتجنبًا للزحام والضيق والمشقة، وعليهم أن يشغلوا أوقاتهم في العبادات والطاعات الأخرى.
تويتر
- منصة (تويتر) احتلت مساحة من أوقات واهتمامات الناس.. كيف يمكن استثمارها بشكل إيجابي؟
البعض حوَّل مواقع التواصل الاجتماعي إلى مواقع لنشر الفضائح والنقد الجارح وغير الموضوعي.. كل ذلك باسم النصيحة للمسؤول. وهذا خطأ لا يصح.
والأمر الآخر الذي يجب التشديد عليه هو ألا ننخدع بما يروجه أعداؤنا من أكاذيب وإرجافات عبر هذه المواقع لشق صفوف الأمة وصدع كلمتها وتفريق شملها؛ لأن أمن البلاد أمر مهم؛ فهو وطن الإسلام؛ ويجب أن نحافظ عليه، وأن نعتقد أنه أمانة في عنق كل واحد منا، وأن لا نسمح لأي متسلل بالفساد في بلادنا؛ فيجب أن نكون حصنًا حصينًا لعقيدة الوطن وخيراته وقيادته أمام كل من يريد ببلادنا السوء، وأن نكون يدًا واحدة مع قيادتنا في كل ما يسبب التحام الأمة وصفها واجتماع كلمتها.