عروبة المنيف
لا يخفى على أحد أهمية الصحة البدنية للصحة العقلية والنفسية، فقد علمونا منذ الصغر بأن «العقل السليم في الجسم السليم»، والجسم السليم بدوره يتطلب القيام بمبادرات جادة للحصول عليه، كالغذاء الصحي السليم المتوازن والمجهود البدني المناسب، إنها معادلة توازن، عندما نعي تلك المعادلة بشقيها سنحقق الجسم الصحي السليم بإذن الله.
بعض الأخبار والقرارات الصادرة من بعض الجهات الحكومية تجعلنا في حيرة وتلح علينا التساؤلات بهدف إيجاد مبررات لها
ولاسيما أنها تتعارض مع جميع الخطط والتطلعات والخطوات المستقبلية الحثيثة التي تنتهجها المملكة من تحديث وتطوير في سبيل تحقيق رؤية 2030.
أحد تلك القرارات الغريبة، رفض «لجنة التعليم والبحث العلمي» في مجلس الشورى توصية مقدمة من عدد من الأعضاء تطالب بافتتاح الجامعات السعودية كليات تربية بدنية للطالبات!.
توصيات كهذه هي من صميم اختصاص وزارة التعليم فهي الجهة التنفيذية المسؤولة عن رسم الخطط الكفيلة بتحقيق الرؤية، فلماذا في الأصل تعرض على جهة تشريعية كمجلس الشورى؟ ولاسيما أنها لا تتعارض مع أي قيم مجتمعية، فكل الوزارات والهيئات الحكومية تسير في مركب واحد باتجاه رؤية 2030، وافتتاح كليات للرياضة في الجامعات للبنات هي من الخطوات والإجراءات التي يتطلب من الجهات التنفيذية المسؤولة البدء بها لأنها تصب باتجاه تحقيق الرؤية ولا تتعارض معها بل تؤيدها، حيث تؤكد الرؤية على زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل لتصل إلى 30 %، وإلى رفع نسبة ممارسة الرياضة الأسبوعية من 13 % إلى 30 %.
إن افتتاح كليات صحية للبنات تعتبر بمثابة النافذة المعرفية الصحية الوقائية التي سيطل عليها المجتمع بأسره، فتثقيف الفتاة هو تثقيف لنصف المجتمع، وهو النصف المؤثر أيضاً على النصف الآخر من خلال مسؤولية المرأة عن الإدارة الصحية في بيتها. ولا يخفى علينا كذلك الأهمية المعرفية والعلمية لتلك الكليات الرياضية ومساهمتها في زيادة نسبة البحوث العلمية في المجال الصحي الرياضي وفي الدراسات الهادفة إلى توعية السكان بأهمية النشاط البدني ودوره في توسيع الوعي في مجال الثقافة الغذائية بشكل خاص وفي تعزيز الصحة الوقائية بشكل عام، ناهيك عن دور تلك الكليات في مجال توطين الوظائف النسائية وإيجاد فرص عمل للباحثات عنها وخصوصاً في مراكز الرعاية والتأهيل الشامل والأندية الرياضية النسائية التي تعج بالنساء الأجنبيات، بالإضافة إلى سد العجز مستقبلاً من خلال توطين وظائف معلمات التربية الرياضية في المدارس سواء الحكومية أو الخاصة عند إدراج حصص الرياضة للطالبات فيها.
إن الأنشطة الرياضية سواء كانت للنساء أو للرجال هي ليست بترف ولا كماليات ولا تحتمل عرضها على جهات تشريعية للبت في شرعيتها، لقد أصبحت ضرورة، وعلى الأخص عندما تتصدر المملكة، وتحتل المرتبة الثالثة عالمياً في انتشار السمنة!، ومدى خطورة تلك الحقائق على المستقبل الصحي الوطني.