عروبة المنيف
ما زالت معضلة البطالة تستفحل وتؤرق متخذي القرار، على الرغم من كل المحاولات الحثيثة المتمثلة ببرامج التوطين للوظائف وتوليدها، فهي تطل برأسها من حين لآخر متسائلة، أين الحل؟ وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة السعودة للوظائف لا تتعدى الـ 15.48% في منشآت القطاع الخاص «الذي تعول عليه رؤية2030» حيث يسيطر عليه غير السعوديين، ويزيد قضية البطاله ألماً ومرارةً، ما أعلنت عنه الهيئة العامة للإحصاء مؤخراً بأن نسبة الذكور الباحثين عن عمل تساوي 19.4% مقارنة بـ80.6% للإناث.!
تظل البطالة النسائية مؤرقة بشكل أكبر نتيجة لتأثير العوامل الثقافية والاجتماعية على خيارات التوظيف لدى النساء، حيث تأتي ثقافة العيب، والاختلاط، وصعوبات التنقل دون مرافق، وضعف هيكلية دور الحضانة، من ضمن الصعوبات التي تواجه المرأة الساعية للحصول على الوظيفة المناسبه لها.
وتقوم العديد من الفتيات بمبادرات تجارية لإنشاء مشاريعهن الخاصة سواء من المنزل، حيث يلجأن للإنستجرام ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى في الترويج لمنتجاتهن وخدماتهن، أو من خلال مبادرات أخرى لا تخلو من الابتكار والتي تكون في الغالب محصورة في الطبخ وخلافه من أجل توفير مصدر رزق يكفيهن شر السؤال والحاجة.
من ضمن تلك المبادرات، ابتكار الشابة أمينة، فكرة « العربة المتنقلة».
لقد نجحت أمينة في الحصول على ترخيص» لعربتها المتنقلة» ودشنت مشروعها الخاص، واعتبرت أول سيدة تدير مطعماً متنقلاً، في محافظة سيهات في المنطقة الشرقية. تعاونت أمينة مع مجموعة من الفتيات المدربات لمشاركتها في مشروعها، فقد سميت العربة المتنقلة بعربة «بنات البلد».
الفكرة جميلة وملهمة، وتفتح مجال زرق لسيدات أخريات يرغبن في الحصول على التراخيص لتلك العربات، ولكن الإشكالية تكمن في عملية التحرك ونقل العربة من مكان لآخر، أليست عربة متنقلة؟ من الذي سينقلها؟ لن تستطيع أمينة نقلها أو تحريكها إلا من خلال الاستعانة بمرافق سائق في كل الأوقات. سيكون من الأجدى قبل أن تمنح أمينة الترخيص لامتلاك العربة ومزاولة النشاط الخاص بها، أن تمتلك ترخيصاً يخولها تحريك عربتها ونقلها من مكان لآخر مهما كانت الظروف، فحرية العمل التجاري لا تتجزأ، يجب أن تكون متكاملة بما يضمن الأخذ بالاحتياطات الشخصية الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لمزاولة النشاط، سواء كان لأمينة صاحبة الترخيص أو للفتيات العاملات معها، فيكون لهن الحق بالتنقل من مكان لآخر، حسب ما تتطلبه الظروف، وعدم انتظار سائق يسمح لها بالتحرك ويرابط معها في كل الأوقات!.
إن البطالة شبح مخيف، سواء كان للرجل أو للمرأة، فبالإضافة للعوز المادي وتداعياته السيئة لا نتجاهل العامل النفسي وأثره السلبي على الشخص وعلى الأسرة بكاملها، وتعاني السيدات من عواقب البطالة بشكل أكبر نتيجة عدم الإنصاف الكامل لهن وعدم حصولهن على كافة حقوقهن المشروعة، ليظل قرش المرأة هو سلاحها الذي تكافح به الزمن، ولتبقى صامدة تسعى لإثبات وجودها وكيانها وحقها كإنسان كامل الأهلية.