عروبة المنيف
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
ما أعظمه من بيت شعر صدح به الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدته «العلم والأخلاق»، فإعداد الأم هي أعظم مهمة تقوم بها المجتمعات، ولكن نتساءل، عن نوع الإعداد اللازم للارتقاء بها وبأسرتها ومجتمعها. إن ما يحدث من تحديات ومتغيرات في هذا العصر وبشكل متسارع يستدعي استدراك تداعيات ذلك التغيير والعمل على مواكبته بما يضمن استغلال ذلك التغيير للصالح العام والتأقلم معه وتسخيره لخدمة المصالح المجتمعية المشتركة.
إن ملتقى «نبراس نورة العطاء التطوعي» الذي نظمته اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات ممثلة بمشروع نبراس، والمديرية العامة لمكافحة المخدرات بالشراكة مع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، في مقر الجامعة، هو أحد تلك الملتقيات التي تساهم في مواكبة التغيير وتسخير الظروف لخدمة المجتمع من خلال إعداد المرأة وتأهيلها لتكون عضواً فاعلاً في مجتمعها، وبهذا يكون نبراس «المشروع الوطني للحد من المخدرات» قد أصاب عصفورين بحجر، في استهدافه المرأة باعتبارها خط دفاع أولا في أسرتها سواء كانت أم أو زوجة أو ابنة أو أختاً..، وباعتبارها أيضاً عضواً في مؤسسة تربوية وتعليمية كخط دفاع ثاني في المجتمع، بهدف تمكينها بالمعلومات والوعي والتحفيز لتكون قادرة من خلال برامج التطوع، على نشر الوعي وحماية مجتمعها من المؤثرات السلبية، ومنها المخدرات التي تقتحم كيانه شاء أم أبى.
هدف الملتقى إلى استثمار طاقات الشابات في العمل التطوعي المستدام في مكافحة المخدرات والوقاية منها، حيث تم خلال الملتقى تخريج سبع وعشرين متطوعة تم تدريبهن بشكل مكثف ليصبحن رائدات في مجال العمل التطوعي وفي مكافحة المخدرات والوقاية منها إسهاماً من الجامعة في الرفع من حس المسؤولية الاجتماعية.
كلنا ندرك الخطر الواقع على كل المجتمعات من آفة المخدرات ومجتمعنا ليس استثناءً، فهي قضية خطيرة تؤثر على الأمن القومي والفكري، وانتشار المخدرات هي واقع نعيشه ونختبره بشكل يومي من خلال ما ترصده جمارك المملكة من عمليات تهريب متكررة، ومن ارتفاع معدلات إشغال الأسرّة في مستشفيات الأمل، فهي آفة لا يسلم منها أحد من الجنسين، رجالاً ونساءً، وإشراك الفتيات في ذلك الصرح التعليمي التربوي وتشجيعهن على التطوع هي من التجارب الثرية التي يستدعي تعميمها على صروح تعليمية تربوية أخرى في المملكة.
إن تثقيف وإعداد وتأهيل أمهات المستقبل بمخاطر المخدرات سيكون له أثر واضح في سهولة اكتشاف المدمن من خلال أعراضه الجسدية والسلوكية والنفسية سواء كان من داخل الأسرة أو خارجها وسيساهم ذلك أيضاً في دعم قنوات التواصل بين النساء وبين أعضاء أسرهن من المتعاطين ما يسهل على الأسرة خطوات وإجراءات الحماية ويجعلها أكثر حكمة وتدبرا في التدخل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال التواصل مع الجهات المتخصصة في الحماية من تلك الآفة والتأهيل من تأثيراتها المدمرة.