د. عبدالواحد الحميد
ضاق المجتمع ذرعاً بالوافدين المخالفين لنظام الإقامة وللأنظمة الأخرى المطبقة في البلاد، وفي مقدمتها نظام العمل. فمثلما أن الوافدين النظاميين هم موضع ترحيب وتقدير من المواطنين لأنهم شركاؤنا في التنمية وهم أيضا أشقاؤنا وأصدقاؤنا نتبادل معهم المنافع والمصالح، فإن الوافدين المخالفين للأنظمة والمتطاولين على المصالح العامة للمجتمع لا يمكن أن يكونوا موضع ترحيب من أفراد هذا المجتمع.
هناك طريق واحد يجب أن يسلكه الوافد كي يكون موضع الترحيب من المجتمع وهو أن يدخل البلد بطريقة نظامية وأن يلتزم بجميع الأنظمة المطبقة، وعندما ينتفي ذلك فإنه لا مكان للوافد المخالف في البلد وعليه أن يعود من حيث أتى.
إن وجود وافدين مخالفين أمرٌ مربك، فهم يعيشون في الظل ولا نكتشفهم إلا بعد أن يتم ضبطهم في جريمة أو مخالفة. أما تأثيرهم على المجتمع والاقتصاد والأمن فهو بالغ السلبية ويمارسونه من الظل وفق ما يعجبهم وعلى هواهم دون اكتراث بالأنظمة والقوانين، ولذلك يصعب في كثير من الأحيان حتى تقدير حجم الضرر الهائل الذي يسببونه، وقد يكون أكبر بكثير مما نتصور!
ومع مطلع الشهر الهجري الحالي، رجب 1438، بدأت المديرية العامة للجوازات في تطبيق مهلة التسعين يوماً للحملة الوطنية الشاملة لتعقب وضبط مخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود "وطن بلا مخالف".
وخلال هذه المهلة يستطيع الوافد المخالف تسوية أوضاعه ومغادرة المملكة من تلقاء نفسه وعلى حسابه الخاص مع إعفائه من الرسوم والغرامات ومن الآثار المترتبة على "بصمة مُرحل". وهذه المهلة التي منحتها الدولة للمخالفين تنطوي على تسامح كبير وهي فرصة ذهبية لتفادي العقوبات المستحقة، وقد كان بالإمكان تطبيق النظام على المخالفين دون إعطائهم أي مهلة لكن الدولة تسامحت وتخلت عن الرسوم والغرامات وعن تطبيق بصمة "مرحل"، لذلك يتعين على المخالفين اغتنام الفرصة وتصحيح أوضاعهم قبل فوات الأوان.
لا يمكن أن يتحمل المجتمع فوضى المخالفين، فمن يريد أن يأتي إلى البلد بالطريقة النظامية ويلتزم بشروط القدوم والإقامة والعمل ومختلف الأنظمة سيجد أنه محلُ الترحيب، ومن يرى نفسه فوق النظام سوف لا يجد له مكاناً بيننا وسوف يعاقب وفق النظام، وما هذه المهلة التي منحتها الدولة للمخالفين إلا فرصة ثمينة لكل مخالف.