د. عبدالواحد الحميد
كان المأمول هو أن تحقق المملكة تقدمًا في مركزها بين دول العالم في مجال الخدمات اللوجستية المتعلقة بقطاع النقل لأن هذا القطاع هو من القطاعات الحيوية المهمة التي يُعَوّلُ عليها في المرحلة الحالية والمستقبلية وذلك في ظل التخطيط للانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي.
لكن رئيس هيئة النقل العام في المملكة أفاد أثناء ورشة عمل أقيمت مؤخرًا بالتعاون مع الغرفة التجارية بالرياض، ونقلت بعض تفاصيلها صحيفة الاقتصادية، أن ترتيب المملكة قد تراجع من المركز 37 في عام 2014 إلى المركز 52 في عام 2017.
هذه المؤشرات التي تأخر ترتيبنا فيها تتضمن: خدمات المنافذ الحدودية، الجودة والكفاءة في اللوجستيات، الدقة الزمنية، البنية التحتية، عدم وجود معيار حقيقي لمتابعة الشحنات وعدم وجود سكك حديدية مترابطة ومناطق لوجستية كاملة.
ويشرح رئيس الهيئة سبب تراجع مركز المملكة بقوله إن الأمر لا يتعلق بسوء الخدمات التي يتم تقديمها عندنا وإنما لأن دولاً أخرى تقدمت أسرع منا. وبالطبع، لا فرق في الحالتين، لأن المراكز التنافسية بين البلدان وحتى بين الشركات والأفراد تتحدد دائمًا لأن بعض المتنافسين يتقدمون أكثر من غيرهم.
ولعل أهمية إثارة هذا الموضوع تأتي بسبب أن خطة التحول والرؤية الوطنية وما نريد أن نحققه من أهداف في المرحلة المقبلة مرتبطة بما يحدث في قطاع النقل. فالنقل مهم بشكل مباشر بما يصنعه من قيمة مضافة كقطاع ضمن قطاعات الاقتصاد، لكنه أيضًا مهم بشكل غير مباشر بما يقدمه للقطاعات الأخرى من خدمات.
وقد كانت هيئة الاستثمار حددت منذ زمن طويل، وحتى قبل الإعلان عن رؤية المملكة 2030، أن قطاع النقل سيكون أحد المرتكزات الرئيسة لتطوير اقتصادنا الوطني وذلك انطلاقًا من أهمية الموقع الجغرافي الذي تحتله المملكة بين قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا وما يتيحه هذا الموقع من جعل المملكة ملتقى لخطوط النقل بين دول العالم.
لقد استطاعت عديد من البلدان أن تحقق قفزات هائلة في مجال الخدمات اللوجستية لقطاع النقل، وبعض هذه الدول تقع في منطقتنا، ولذلك لا بد من تسريع خطوات التطوير. فعلى الأقل، كان يجب أن نحافظ على مركزنا السابق بدلاً من التراجع. لكن الأمل يبقى، بالطبع، أكثر من مجرد المحافظة على المركز السابق وإنما تجاوزه لكي تتحقق أهداف الرؤية الوطنية لاقتصاد وطني متقدم.