عبدالحفيظ الشمري
كيف نحمي الوطن، ونبعد عنه المخاطر والشرور؟ سؤال مهم؛ يجب أن نتفاعل معه جميعًا، ونكرره، ونتدبر معانيه؛ ليصبح من أولويات حياتنا.. وبما أن الجميع معني بحالة هذا الاستفهام العميق فيجدر بنا الإجابة عنه، وفهمه، وترسيخ قيمه، ووعي مصطلح حمايته، واتساقه مع مفاهيم بناء الوطن معنويًّا وماديًّا.
ومن المفيد أن نوسع خصوصية هذا السؤال، ولا نجعل الوطن وحبه والخوف عليه حالة أمنية صرفة؛ نضعها على عاتق الجهات الأمنية وحسب، إنما نحن ملزمون بها جميعًا؛ لكي يصبح الوطن حالة إنسانية تسعى إلى الكمال، وتنشد معاني الوطنية الحقيقية التي يتساوى فيها الجميع، وتنضج فيها التجارب؛ ليكون الماضي مضيئًا، والمستقبل ممكنًا صنعه مع هذه الأجيال الجديدة.
فحماية الوطن لا تقتصر - كما أسلفنا - على الشق الأمني، إنما تتجاوزه إلى الجانب الوقائي الذي يتطلب من الجميع أن نكون يقظين، ومدركين للتحديات التي نمر بها كمجتمع عربي مسلم، يحتضن في مكونه الجغرافي ومنطلقه الإنساني أرض الرسالة النبوية في مكة والمدينة، وأن تكون هي الهوية الخاصة والفريدة التي تميزنا عن غيرنا من المجتمعات.
وحينما نعيد السؤال (كيف نحمي الوطن؟) فإن الإجابة عنه تحتم علينا أن نحدد معًا: مَن هم الأعداء؟ ومَن هم الذين يسعون إلى النيل منه؟ وما هي الأدوار الخطيرة التي قد تساعد هؤلاء الأعداء على إنجاح مخططاتهم الشنيعة؟.. فالسؤال قد يولد استفهامات أخرى عدة؛ وقد تحتاج إلى استفاضة وشروح مطولة.. لكننا بحاجة إلى الإيماء، أو الإشارة إليها على نحو أخطار محدقة بالوطن، تتمثل في (المناطقية والقبلية والمخدرات).. فهي أمور -كما ترونها- داخلية، وتحتاج إلى مكافحة، ومعالجة، وبناء فكر عصري؛ يحد منها، ويقلل من أخطارها.
وحينما نضع المخدرات في آخر هذه الثلاثية فإن المناطقية هي الخطر الأول الذي ينال من المكانة الجمعية للأمة، أي أن يكون الولاء لجهة معينة، تجعل منها حالة فريدة، ومصدر جذب.. وقد تنسكب كل الخيرات والمعونات والأعمال والوظائف إلى جهة واحدة، في حين تبقى المناطق الأخرى بحاجة إلى مساواة في برامج التنمية والدعم. كما أن القبلية لا تقل خطرًا عن المناطقية أو المخدرات على سلامة الوطن وأهله.
فعلينا جميعًا أن نحمي بلادنا بتشجيع الوعي، وبناء فكر عصري، يشترك فيه الجميع، وأن نكون مدركين لأدوارنا ومهامنا كأفراد ومجتمع؛ لنصونه ونبنيه، وأن لا نجعل منه مجرد حالة كسب مادي، أو جشع، أو هبات، أو نوال.. إنما يكون لنا وطنًا جميلاً، وحسًّا إنسانيًّا، يسعى إلى التميُّز والكمال.. وأن لا يكون للمناطقية، أو القبلية، أو النعرات الطائفية أي مجال، وأن نشد على أيدي بعضنا للقضاء على آفة المخدرات التي تستهدف وطننا وأبناءنا.