عبدالحفيظ الشمري
المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية لملم أروقته وطوي خيامه راحلا بعد أن أثرى التجربة الإنسانية بأحداث وأعمال تراثية جميلة بل إنه يغادرنا كمناسبة فريدة، ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، لأنه يأتي دائماً على هيئة احتفاء بالماضي ومتعلقاته وتفاصيله الجميلة؛ بل ينظر إلى هذا المهرجان بوصفه واحدا من المهرجانات العربية المتميزة، والتي يقبل عليها الجمهور، ويتفاعل مع أدق تفاصيلها في كل عام.
إلا أن ما يلاحظ على «مهرجان الجنادرية» في الأعوام القليلة الماضية أنه شهد إقبالا متزايدا من الجمهور، في حين أن وسائل تطويره لا تزال محدودة جدا. وربما جاءت الزيادة المضطردة هذا العام بشكل واضح، لتكشف حقيقة أن هذا المهرجان بحاجة إلى إعادة تأهيل من أجل أن يواكب متطلبات التطوير في المنشآت والطرق والممرات والمرافق التي تحتاج إلى مزيد العناية والاهتمام.
فالحديث عن المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية لا بد وأن ينقسم إلى شقين أو جانبين، معنوي ومادي، فما يتعلق بالجانب المعنوي فأنه بات ضرورة مهمة لالتقاء التراث والمعرفة بالأجيال الجديدة، حيث يظل هو المشروع الإنساني الجدير بالمتابعة والاهتمام، لأنه يجمع أطراف الوطن بعضه ببعض، ليخرج لنا هذه الإضمامة التراثية الجميلة والزاهية في سيرة عطاء أرضنا، وثقافة بلادنا، وأعمال أهلنا في سنوات ماضية.
أما الشق المادي .. فإن الذي يتأمل موقع المهرجان ومكانه وتوزيع منشآته ومكوناته على مختلف مناطق المملكة، فأن أبرز ما يمكن أن نلاحظه وعلى مدى أعوام خلت أن الزحام هو أبرز ما يمكن الحديث عنه كمعوق لهذه المناسبة التي يقبل عليها سكان العاصمة الرياض، وضيوف المهرجان من مناطق مختلفة، إضافة إلى مواطني دول الخليج العربي الذين يشاركون المواطن فرحته واهتمامه بمنجزات الماضي وأعماله ومشغولاته الجميلة والمعبرة.
فالزحام - كما أسلفنا - هو المعوق، ويبتدئ - أولاً - من الزحام المروري في الطرق التي تؤدي إلى أرض المهرجان، حيث شهدت الطرق اختناقا مرورياً أدى إلى تأجيل بعض الفعاليات، وتسبب في شل الحركة المرورية في المناطق القريبة منه، مما يؤكد أهمية إعادة رسم الطرق من جديد ليتمكن الزائر من الوصول إليه بسهولة وانسيابية تحقق المتعة والفائدة.
أضف إلى ذلك أن هناك زحاما داخل أرض أو مقر المهرجان وهو زحام لا يقل صعوبة عن زحام الطرق المؤدية إليه، فيتطلب خطة تطويرية سريعة، تفكك هذا الاختناق، وتحرر بيئة المهرجان من أسواره التي تحيط به، ولتكون أرض المهرجان مفتوحة، ويعتمد إنشائها بهيئة طريق أو «جادة» واحدة فسيحة؛ وباتجاه واحد، وتخلو من السيارات، أي للمارة فقط، وتقام على طرفيها المقاهي، والمطاعم، والنُزُلْ؛ بطراز شعبي أنيق، ويكون لبيوت المناطق، وساحات العروض وجود خلف هذه الجادة من الجانبين، وهذه الفكرة ليست جديدة إنما هي مطبقة في بلاد كثيرة.