علي عبدالله المفضي
يقول أبو الطيب المتنبي:
ذل من يغبط الذليل بعيش
رب عيش أخف منه الحمامُ
كل حلم أتى بغير اقتدار
حجة لاجئ إليها اللئامُ
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ
خاسر من يفقد ذاته أمام مطمعٍ زائل أو نزوة عابرة او هدف دنيء، تعيس من يتنازل عن عزة نفسه ليكسب او يتكسب فليس اصعب والذ من كبح جماح النفس عن مواطن الذل والارتقاء بها الى منازل الكرامة وافاق الانفة ومراتب العلا التي لا تستجيب الا لمن غلب الهوى واستعصى على الهوان وعشق الانتصار للحق وحمى نفسه من التنازل عن قناعاته ومُثله ومبادئه.
مشوار الكرامة طويل وشاق ومتعب إلا لمن كانت عشقه وهناء روحه وزاد طريقه فليس من السهل الوصول إلى ذراها بغير مشقة وجهد خارق وهكذا الأهداف النبيلة والخيّرة، ولن يبلغها او ينالها ويفوز بها من ليست لديه القدرة على الصبر والرضا والغبطة بمتاعبها وكما قال الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وهل أجمل واروع من الكفاح في سبيل الكرامة والرفعة والفوز بالجائزة الكبرى والمتعة العظمى بالمحافظة على النفس من ذلها وهوانها.
وقفة:
لو عذابي يطول وهم قلبي يزيد
عزة النفس عندي فوق كل اعتبار
لي مع النجم طول العمر عهدٍ وكيد
عاشق الصدق واضح مثل شمس النهار
ارتفع عن دنايا النفس وابعد بعيد
في عطش عمري اشري لذة الانتصار
لو يمر ألف عيد بدون ثوب جديد
ما تعيّدت مثل الدون بالمستعار
ولو يخف البحر ولاّيشيب الوليد
ما تناولت عن مبدا جعلته مسار.