سلمان بن محمد العُمري
الشاب السعودي النبيل أحمد بن محمد آل وزية أقدمه لكم بلا مقدمات، وإن كان العمل الذي قدمه يستحق التقديم والتقدير، ولكنه أولى بذلك لأن ما قام به هو عمل إنساني نبيل وينم عن نفس سوية إيجابية ملؤها الحب والإيثار والإيجابية، ويقوم على فعل الخير للناس حتى ولو كان على حساب صحته وحياته مع أناس لا تربطه بهم صلة قربى أو مصالح خاصة أو صحبة، وكان دافعه فعل الخير لإسعاد الغير.
من خلال برامج التواصل الاجتماعي سمع عن حاجة فتاة في شمال المملكة إلى زراعة كبد وإلى من يتبرع لها بجزء من كبده مئات الكيلو مترات تفصل المتطوع عن المحتاجة ولا تربطهم صلة قرابة سوى الدين ثم الوطنية والإنسانية فلم يتردد في أن يعلن عن استعداده للتبرع، وسار في الخطوات العملية لذلك من إجراءات ثم فحوصات، ولكن النتائج لم تكن مرضية للطرفين فلا تتوافق خصائص المريض والمتبرع، ولم يقف الأمر عند هذا الحد.
لقد عرض على المتبرع موضوع آخر وهو أن فصيلته تتوافق مع حاجة مريض آخر وهي طفلة بحاجة إلى زراعة جزء من الكبد، ولم يتردد في القبول والاستعداد لذلك قبل أن يعلم أن والد المريضة من منسوبي القوات المسلحة ممّا عزز في ارتياحه لهذا التبرع فهو يريد إدخال البهجة والسرور على المريض وأهله أياً كان وإذا بالمريضة بابنة لأحد المرابطين على الحد الجنوبي، وبالفعل استكملت إجراءات التبرع.
وكان أولى الكلمات التي قالها - بحسب الفيديو المتداول - وهو تحت تأثير البنج: إنه فرحان وسعيد بما قام به، وخلال سؤال المحيطين به من أقرباء وأهل المريضة عن صحته، فإذا به يسأل عن صحة المريضة المتبرع لها. إنها قمة الإنسانية والتضحية والإيثار وقد كان قبلها، وعند الدخول لغرفة العمليات في وضع نفسي جيد وعال ولم يفكر بالعملية وآثارها بقدر اهتمامه أن يزرع البسمة على وجوه الآخرين.
والمُتبرع لها إيمان الحويطي طفلة صغيرة لم تتجاوز الثماني سنوات، وقد لا تشعر سوى بالآلام التي تعاني منها، ولكنها ستذكر هذا الجميل والمعروف طوال سنين عمرها - بإذن الله -، وتشعر به كما شعر به أهلها من قبل.
الشهم أحمد آل وزيه لم يتجاوز العشرين من عمره وهو طالب جامعي عصامي مثالي إلى جانب دراسته الجامعية يعمل في المساء في شركة سعودية كبيرة، وهي التي قدرت هذا الموقف الإنساني وتفاعلت معه، وأكدت أن مجتمعنا السعودي بجميع فئاته محب للخير وداعم له ومساند حيث اعتمدت إدارة الشركة العربية للعود التي يعمل بها أحمد أن رواتبه طيلة فترة العلاج والنقاهة (ثلاثة أشهر) تصرف بالكامل له وكأنه على رأس العمل، وليس هذا فحسب بل قدمت له مكافأة مجزية تقديراً منها على عمله الإنساني الذي لا ينتظر مقابله من أحد سوى رب العالمين، وما قامت به الشركة الرائدة في نشرها للعطر الفواح لأحد منسوبيها يستحق الذكر والشكر لتعزيزها هذه المبادرة الإيجابية وتشجيعها له.
إن هذه المواقف والأعمال الإنسانية تجسد ما لدى المجتمع السعودي من محبة للخير فهو مجتمع الإنسانية، وهذه المواقف والأعمال تتطلب منا جميعاً ككتّاب أن نشيد بها، وأن نعمل على تعزيزها لدى المتطوعين وأن تكون محفزاً للآخرين.
وأحمد آل وزية أحسن الله إليه مثله كثير من أبناء وطننا الغالي يقدمون من أعمال الخير والبر والإحسان والتطوع بوقتهم وبمالهم وأجسادهم، ولم نعرف منهم إلا القليل. ونحن بحاجة في هذا الوقت لأن نعرف بهذه الأعمال ليعلم الجميع أن مجتمع الإنسانية ومملكة الإنسانية تحفل دائماً بمواقف وأعمال إنسانية كبيرة. مجتمع يعيش كالجسد الواحد والبيت الواحد يسعد بسعادة الآخرين، ويتألم لآلامهم ولا يقف مكتوف الأيدي حينما يرى الآخرين بحاجة للنجدة والمساعدة والعون، هذا هو مجتمع الخير شعباً وحكومة وأفراداً وجماعات.
أسأل الله العلي القدير أن يشفي المريضة والمتبرع وأن يسبغ عليهما ثواب الصحة والعافية وأن يجزي الشاب أحمد خير الجزاء والشكر موصول لوالديه اللذين أعاناه على فعل الخير، وللشركة العربية للعود التي قدرت هذا الموقف الإنساني منه.. فشكراً للجميع.