سمر المقرن
أمضيت وقتاً جميلاً في أمسية رمضانية مع عدد من الصديقات قبل عدة أيام، وبما أننا في أيام رمضان تكثر الأحاديث النسائية حول «المطبخ» ومستجداته، دار النقاش حول محبة كل واحدة منّا للمطبخ، وتنوعت الآراء بين محبات للطبخ وأخريات بعيداتٍ عنه. كان رأيي في هذا الموضوع أن الطبخ هو عبارة عن هواية، هناك أشخاص يستهويهم المطبخ ويُبدعون في إعداد أصناف كثيرة من الطعام، وهناك من تعتبره عادة أو واجبا، وهناك من تراه منفذا للهروب من مشاكل أخرى، الأجمل في رأيي هو المرأة التي تُبدع في إعداد أصناف الطعام لحبيبها، تُبدع في تقديم أصناف الأكل لأنها تقدمه لرجل تحبه.
وقد أستدليت على هذه الفكرة عن صديقات عايشت معهن كثير من الأوقات كنّ بعيدات عن المطبخ، وعندما اقترنّ برجال يجمع بينهم الحب بدأن يُبدعن في الطبخ، بل وبدأن يُغيرن من عاداتهم التي قد لا تتوافق مع هذا الحب.
الحب هو أجمل ما بالوجود، يُحرك المياه الراكدة، يُغير العادات وقد يُغير كذلك الأطباع، قد يضل -بعضهم- على طبع واحد وعادات لا تتغير لسنوات طويلة، وبعد أن يجد من يحب يتغير بمحض إرادته وإن كان في وقت سابق يرفض التغيير.
لا أتفق مع بعض الأشخاص ممن يرون أن الشخص الذي يُحبك يجب أن يقبل بعيوبك قبل حسناتك، قد يكون في هذا الرأي شيء من الصحة، لكن الأجمل أن يقف الإنسان مع نفسه ويعرف أن لديه عيوبا يجب أن تتغير لأجل نفسه أولاً قبل الآخرين، لكن الحب يجعل الإنسان قادرا على مصارحة نفسه أكثر ومحاولة تغيير سلبياته.
ما زلت عند الطبخ، هو -كما أراه- حالة إبداعية تشبه «اللوحة» الفنية، هذه الحالة إذا وجدت المحفّز الذي يمنحها الجمال ويقدرها حق قدرها، ستنطلق أكثر، بالذات مع الحب الذي هو أجمل حالة إبداعية يعيشها أي إنسان، يستمتع بتفاصيلها، بما بين السطور، باللمسات البسيطة لهذه الحالة الإبداعية التي تزيد إبداعاً وجمالاً إن اقترنت بهدف، وصارت رؤية تبحث عن تحقيق هذه الأهداف.
هنا تُصبح أكثر وضوحاً.
جميل أن يكون صنع الطعام والإبداع فيه للتعبير عن حالة حب أكثر من كونه حالة جوع، فالأولى تظل مستمرة وتنمو وتكبر، أما الثانية فهي مجرّد استجابة لحالة تنتهي في لحظتها!