سمر المقرن
تحدثت في المقال السابق عن ضرورة إعادة هيكلة الخرائط الفكرية للشباب، وذلك بهدف تحقيق رؤية 2030 بما يتناسب مع كثير من العوامل المحيطة. وإعاد الهيكلة تحتاج إلى عدد من الخطوات والاجراءات المُسبقة، لذا فإننا قبل أن نشرع في إعادة هيكلة خرائطهم الفكرية يجب أن نحللها ونشخصها في الوقت الحالي، ونعرف كيف تشكلّت وما هو مفيد منها ونستطيع تعزيزه وما هو غير ملائم منها ونعمل على معالجته. ويجب أن نعرف ايضاً ما هي الخرائط الفكرية الأكثر ملاءمة التي تجعلهم سواعد بناء عالية الكفاءة، وهذا يتطلب أن نضع خرائط فكرية معيارية بالرجوع للخرائط الفكرية للشباب في الدول المتقدمة والتي ساهم شبابها في نهضتها، ثم نقوم بتحليل خرائط شبابنا الفكرية وقياس الفجوة ومراجعة بيئتنا التعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية بكافة مكوناتها وأفكارها وأنظمتها وتنظيماتها، لنهيئ لهم البيئة القادرة على تأهيلهم فكرياً ليكون رأس مال بشري أو بالأصح رأس مال فكري يُشكل قوة دافعة للوطن بما يتمتع به من معرفة وذكاء ومهارات تتلاءم مع متطلبات القرن الحالي.
الخرائط الفكرية للشباب حيال الكثير من القضايا والمشاكل تلعب دور كبير في جمعهم وترتيبهم للمعلومات، وتقييم وفهم واستيعاب المواقف والأفكار والقرارات. وبالتالي تشكيل مواقفهم وسلوكياتهم وقدراتهم على توليد الأفكار وتنفيذها، والإصرار على النجاح في ذلك. وكذلك قدرتهم على مواجهة المشاكل والعوائق التي يواجهونها. ونحمد الله أن جهود الدولة في التعليم محلياً وخارجياً أثمرت بشباب سعودي وثّاب قوي كما وصفه سمو الأمير محمد بن سلمان، وبكل تأكيد يُمكن تطوير التعليم محلياً واستثمار الملائم منه بشكل أكثر تركيزاً خارجياً، لإنتاج رأس مال فكري قادر على المنافسة في ظل تنامي اقتصاديات المعرفة ودورها الكبير في تعزيز تنافسية السلع والخدمات في الأسواق المحلية والدولية.
أخيراً .. لدينا عدة أجيال من الشباب تتمايز في خرائطها الفكرية حسب تاريخ ميلادها وما تعرضت له في طفولتها ونشأتها وشبابها من وسائل تواصل وبدائل تعليمية، وذلك بسبب تنامي وسائل المعرفة في العقود الأربعة الماضية، ونتطلع أن يتم تحليلها وتقييمها وإيجاد نظام فكري ينظمها على مبادئ هامة تحفز الشباب للمشاركة الفاعلة في تحقيق رؤية 2030 ومنها التكامل، والتعاون، والتواصل، والتنوع، والكرامة، والعدل، والاحترام، وثقتنا كبيرة بسمو الأمير محمد بن سلمان الشاب المُلهِم والمُشجع والمُوجه للطاقات نحو الرؤية، أن يتبنى تنمية الخرائط الفكرية لشبابنا، من خلال التعليم العام والجامعات والإعلام ووسائل التواصل الرقمي والأندية الثقافية والأدبية وبرامج التدريب والتأهيل والابتعاث، بما يجعلهم رأس مال فكري يفوق في أهمية الإمكانات المالية والمادية والتقنية لما يتمتعون به من مهارات وأفكار.