فيصل خالد الخديدي
الفنون بجميع أطيافها لغة إحساس ونبض مشاعر وهي نوافذ مشرعة على العالم تسمح بدخول النور ونشره, والفنون فعل إنساني عظيم ينشأ فطرياً ويرعى ويصقل وينشر وينتشر متى ما وجد البيئة الحاضنة والإمكانات الداعمة، ورعاية الفنون والاهتمام بها سمة رقي المجتمعات، وإيمانها بأهمية فنونها هو اعتراف منها بهويتها وميزتها عما سواها من الأمم الأخرى، وتقاس أعمار الشعوب وحضاراتها بمنجزاتها وتوثق بفنونها، وإيماناً بهذا الدور للفنون وما تمثله من فرص تطويرية إنسانياً واقتصادياً جاءت الفنون بجميع أشكالها من ضمن أولويات ومحاور رؤية التحول الوطني ومشاريعه، حيث أعلن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي عن مبادرة وزارة الثقافة والإعلام بإنشاء المجمع الملكي للفنون وأنها جاءت من أجل تعزيز الثقافة والفن في المملكة العربية السعودية، والاهتمام بمتطلبات الأجيال من المثقفين والفنانين السعوديين، وإيجاد مؤسسات قادرة على رعايتهم، ويستطيعون من خلالها عرض فنونهم وتوثيقها سواء كانت فنوناً حديثة أو من أنواع الفولكلور الشعبي لمختلف مناطق المملكة.
وعن الفنون التشكيلية والفنانين ذكر وزير الثقافة في معرض حديثه عن بادرة المجمع الملكي للفنون (أن بعض الفنانين السعوديين بدأوا يعرضون أعمالهم الفنية في متاحف ومعارض دولية، بينما لا يتوافر لدينا حتى الآن مجمع فني داخل المملكة لعرض هذه الفنون, وأن الكفاءات والطاقات، خصوصاً الطاقات الشابة، لا تجد المنصّات التي تمكّنها من رعاية مواهبها ومن دعمها، ولذلك من أحد عناصر المجمع الملكي للفنون، هو إنشاء مؤسسة غير ربحية لتكون قادرة على تمويل المجمع لسنوات قادمة).
إن مجتمعاً يشكل شبابه ما نسبته 60% من مكونه، وبه أكثر من عشرة آلاف فناناً وفنانة في مختلف أنواع الفنون والثقافة يستحق أن يؤسس مشروعهم بما يوافق طموحهم ويحقق تطلعاتهم ويكونوا شركاء في التخطيط والبناء وطرح الرؤى والأفكار, فالمهمة القادمة في مرحلة التأسيس تستحق الكثير من العناء والجهد ليخرج التصور لأرض الواقع على قدر التطلعات فالوضع الحالي للفنون يفتقد للكثير من الأساسيات والبنى التحتية لممارسة الفنون، وحتى المؤسسات القائمة إما بجهود أشبه بالذاتية وإلا بلوائح غير مكتملة النمو والتشكل وجميعها يغيب عنها العمل المؤسسي الحقيقي.
إن الفنون التشكيلية والفنانين يتطلعون بكل عيون الحرص والترقب لأن يحقق لهم المجمع الملكي للفنون الشيء الكثير من تطلعاتهم واحتياجاتهم وأن يكون منظماً وداعماً لكثير من جهودهم ومبرزاً لها على المستوى المحلي والعالمي بطرح علمي وتنظيم عملي، وأن يجدوا المظلة الرسمية التي تحافظ على حقوقهم وتدعم وتيسر أنشطتهم وتوجد البيئة التشكيلية المثالية لهم من صالات عرض ومراسم ومتاحف ومكتبات فنية وأنشطة مستمرة ومتنوعة ومتطورة وتدعم التوثيق لتاريخ الفنون المحلية قبل اندثارها أو العبث بحقائقها، وأن يفتح المجال وتيسر الإجراءات للمؤسسات الفنية الخاصة لدعم الاستثمار في الفنون وتقديم التجارب الشابة ودعمها.