محمد سليمان العنقري
أقرت قبل أيام اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء من مجلس الوزراء الموقر التي أعدتها وزارة الإسكان وتضمنت كافة الشروط الموجبة لدفع الرسوم على المراحل التي فسرتها بنود اللائحة وحددت بموجبها ما كان منتظرًا من الآليات والحد الأدنى للمساحات التي سيلزم ملاكها بدفع الرسوم فكل مرحلة تناولت طبيعة الأرض والمساحة وكذلك الخدمات التي يجب أن تكون متوافرة إضافة لتحديد النطاق العمراني للمدن الثلاث التي اعتمدت كمرحلة أولى، فالبداية ستكون من الرياض وجدة وحاضرة الدمام وستتبعها مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد ستة أشهر، ثم بقية المدن حسب الاحتياج، فالتدرج المعتمد قرار إيجابي لأنه بدأ من المدن الأكثر حاجة لزيادة العرض من المنتجات العقارية، كما أنه يعطي مجالاً لوزارة الإسكان والجهات المساندة لها لبناء منظومة فعالة لحصر المساحات والاحتياجات وطرق التعاطي مع العقبات التي ستواجه تطبيق النظام من الإشكاليات المتوقعة ببداية العمل بأي نظام.
لكن تبقى هناك عديد من التساؤلات المهمة التي تفرض نفسها للوصول لمعرفة أوسع للمعلومات والاحتمالات التي ستفرز تحليل أثر هذا النظام المهم في تاريخ الاقتصاد الوطني والقطاع العقاري بصفة خاصة وأولها على أي أساس تم تحديد النطاق العمراني هل هو بمرجعية لأحد النطاقات التي اعتمدت سابقًا وبأي سنة تحديدًا لأنه سيوضح إلى أين تتجه وزارة الإسكان بنوعية المنتجات التي تريد أن تكون غالبية ما يطرح بالسوق منها فهل هي ستدعم الاتجاه لبناء الشقق أو الفلل الصغيرة بمساحات حول 200م مربع مثلاً وبالتالي فإن ذلك يعني زيادة الكثافة السكانية حول وسط المدن. وقد يصبح مشكلة مستقبلاً بتلك الأحياء بالازدحام الكثيف.
ومن التساؤلات المهمة: هل ما تم حصره بالنطاق المعتمد يحتوي على أراضٍ بيضاء غير مطورة بمساحات كبيرة أساسًا وما هو مقدارها لأن من شأن ذلك أن يدلنا على وضع تقدير لحجم المعروض الذي سيضخ بالمرحلة الأولى، فإذا كان محدودًا أساسًا فلماذا لم تعتمد معه فورًا المساحات المطورة والمعتمدة التي حددت بالمرحلة الثانية والثالثة والرابعة حتى يكون الحجم المطروح للعرض مناسبًا أيضًا، فمشكلة السكن لا تتحمل إطالة فترات المراحل والانتظار لنتائج كل مرحلة خصوصًا الأولى التي قد تكون جل الأراضي التي تنطبق عليها شروطها بمساحات أقل من المعتمد عند عشرة آلاف متر مربع وبذلك ستطول حلول زيادة العرض.
ولا يمكن تجاهل عدم توسيع النطاق العمراني ليكون شاملاً لآخر ما تم اعتماده لكل مدينة حتى يتم تحريك مساحات واسعة نحو التطوير إذا كانت ستعطي نتائج أسرع وقد نتفهم البعد الاقتصادي لمنع أي كساد قد يضرب القطاع العقاري إلا أن ذلك يسهل التعامل معه إذا وضعت الوزارة جداول زمنية مناسبة لزيادة المعروض بربطها بمحفزات واضحة للمطورين والملاك ووضع سلة من الخيارات تربط طالبي السكن بتلك المنتجات عبر برامج الادخار والجمعيات السكنية وأيضًا منتجات القروض السكنية من الصندوق العقاري أو برنامج الدعم السكني والبنوك التجارية كذلك حسب قدرة ورغبة كل طالب سكن.
ومن التساؤلات المهمة هل أخذ بعين الاعتبار أن بعض من يملك المساحات بحدها الأدنى لكل مرحلة أنهم ليسوا أكثر من ملاك وليسوا تجار عقار أو مطورين وأن تلك الأرض هي ثروتهم الوحيدة فجل المواطنين ولعقود طويلة وضعوا أموالهم بشراء أراضٍ كونها كانت القناة الوحيدة تقريبًا للاستثمار وليس لهم دخل ثابت إلا من وظيفة أو ما يوازي متوسط دخل الطبقة المتوسطة أي أنهم سيكونون عاجزين عن سداد أي رسم فماذا أعدت الوزارة من طرق لعدم تحميلهم أعباء أكبر من قدرتهم وهل سيضطرون بنهاية المطاف للاتجاه لبيع أرضهم بأي سعر حتى يسددوا بالرغم من أن اللائحة لا تشير إطلاقًا لاجبار أي شخص على بيع أرضه لكن بعض الفئات قد لا تجد حلاً أمامها غير ذلك لتفادي تغليظ العقوبات والغرامات فهل أعد برنامج يساعدهم على تطوير أراضيهم؟
لائحة الرسوم فتحت الباب على كثير من التساؤلات ويبقى أهمها: هل النطاقات التي حددت بالمدن المستهدفة تضمنت تقدير يؤدي إلى زيادة مناسبة بالعرض تحقق الأهداف المرجوة بزيادة المنتجات العقارية بمساحات وجودة وأسعار تناسب كافة الشرائح لطالبي السكن خصوصًا أن مبادرات وزارة الإسكان تستهدف زيادة العرض بنحو 1.5 مليون وحدة سكنية خلال سبعة أعوام على أبعد تقدير وهذا يتطلب ضخ مساحات أراضٍ ضخمة ومستويات أسعار للمنتجات أقل من الحالي بأكثر من 50 في المائة على الأقل حتى تتناسب مع متوسطات الدخل وما تستهدفه الوزارة بألا تزيد قيمة المنتجات عن خمس مكررات للدخل السنوي لكافة الشرائح المستهدفة من طالبي السكن.