د. محمد عبدالله العوين
زف مجلس الوزراء في جلسته الماضية التي انعقدت بتاريخ 8 من رمضان 1437هـ إلى المواطنين موافقة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على أربعة قرارات مهمة من ضمن قرارات عدة أصدرها المجلس.
وستعمل القرارات الأربعة المهمة على إنهاء معاناة قديمة مزمنة من غلاء الأراضي والتحكم في أسعارها، وكسر احتكار الوكلاء لبعض البضائع المستوردة بالسماح للشركات والمستثمرين الأجانب بالدخول في تجارة الجملة والتجزئة، وتوحيد جهود وطاقات وممتلكات مرفق مهم كسكك الحديد، وتفريج كربة طلاب مغتربين للدراسة.
ولا أحد يتردد في الحكم على أن أحد الأسباب القوية التي عمقت أزمة عدم حصول المواطن على سكن ملائم ليست ندرة الأراضي، فبلادنا - ولله الحمد - قارة ؛ بل احتكارها من ملاك محدودي العدد، وعدم التصرف فيها بالبيع أو التطوير سنين طويلة ؛ انتظارا لارتفاع أسعارها بوصول الخدمات إليها مع تمدد المدن، ووفق هذه الحال الاحتكارية المزمنة أصبح الحصول على قطعة أرض في موقع تتوافر فيه الخدمات في أية مدينة كبيرة صعب المنال على الطبقة المتوسطة وما دونها، حتى ولو كانت القطعة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 400 متر مربع، وربما زادت كلفة شراء الأرض عن كلفة البناء أو ساوتها بحسب موقع الأرض.
غلاء الأراضي بسبب التحكم في أسعارها بدون وضع ضوابط ليس السبب الوحيد لأزمة الإسكان ؛ بل مع جملة أسباب أخرى ؛ كالتباطؤ أو التوقف سنوات طويلة عن النهوض بمشروعات إسكان حكومية في سائر المدن بتقسيط ميسر توزع على المواطنين المستحقين، وقد أسهم هذا التباطؤ أو التوقف بتعميق مشكلة الإسكان مع تنامي عدد السكان وازدياد الطبقة الشابة وتراكم الخدمات الحكومية في المدن الكبرى مما دفع إلى تكثيف الهجرات من القرى والأرياف إلى المدن ؛ للالتحاق بالجامعات المدنية والعسكرية والوظائف الحكومية وغيرها من فرص القطاع الخاص.
وسيكون تأثير قرار تطبيق لائحة الرسوم أكثر نجاحا بتسريع تنفيذ مشروعات وزارة الإسكان؛ سواء ببناء المجمعات بأرقام كبيرة جدا أو بمنح الأرض والقرض.
أما القرار الثاني بالسماح للشركات الأجنبية بالدخول في تجارة الجملة والتجزئة فسيحرك السوق السعودية ويوفر مزيدا من الخيارات للمستهلك ويخفف إن لم ينه احتكار الوكلاء ويسهم في نقل الخبرة التصنيعية للمواطنين؛ حيث اشترط القرار إلزام شركات التجزئة بإنفاق 5% على البحوث وتصنيع 30% محلياً.
ويهدف القرار الثالث إلى تجميع الجهود المبعثرة في مجال السكك الحديدية، وإنهاء مرحلة «الخط الواحد اليتيم» التي كانت تشرف عليه مؤسسة السكك الحديدية، ولا أعلم وجها مقنعا للجمع في الاسم بينما هي سكة واحدة، على الرغم من طول أمد الجمع في الاسم والإفراد في الواقع! ولذلك فإن موافقة المجلس على أن يكون وزير النقل رئيسا لمجلس إدارة الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) وأن تكون الشركة هي المالكة للبنى التحتية لمشروعات النقل للخطوط الحديدية بين مدن المملكة سيوحد الجهد ويأذن ببدء انطلاقة جديدة قوية تنسينا مرحلة موات طويلة مع المؤسسة القديمة ذات الخط الواحد .
أما الخبر الرابع المفرح ؛ فهو موافقة خادم الحرمين الشريفين على إلحاق 2628 طالبا من أبنائنا المغتربين للدراسة بمشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بعد أن تلكأت وزارة التعليم طويلا في حل مشكلتهم.
يد مخلصة تبني في الداخل ويد شجاعة تحمي ثغور الوطن.