د. محمد عبدالله العوين
لكي ننتقل من مجتمع استهلاكي إلى صناعي لا خيار لنا من أن نتحول بمناهج التعليم بدءا من المرحلة الثانوية وليس انتهاء بالجامعة من الإغراق في التخصصات النظرية التي وصلت إلى حد التخمة وأصبح الدارسون في تلك التخصصات النظرية عالة على المجتمع؛ لعدم حصولهم على فرص عمل تناسبهم، ولذا فإن الضرورة تحتم تدخل الرؤية بأدواتها التنفيذية القوية في استحداث جامعات صناعية؛ لا كليات فحسب، والتدرج في إغلاق أو التخفف من الإقبال على الدراسات النظرية الفائضة عن حاجة المجتمع.
وبالتحول الصناعي المتنوع نستطيع أن نقفز من المرتبة 19 في ترتيب الاقتصاد السعودي على المستوى العالمي إلى المرتبة 15 أو أقل منها خلال سنوات الرؤية.
أما في الجانب الاجتماعي فقد أشارت الرؤية إلى طموح متواضع جدا في مجال تملك المواطنين للمساكن؛ فخلال أربع سنوات سننتقل من نسبة 47% إلى 52% وهو ما يقل كثيرا عما تعلن عنه وزارة الإسكان من مشروعات، ولعل السقف يرتفع ببذل جهد أكبر ووضع حلول للعقبات الكثيرة التي تعترض تملك المواطنين مساكنهم، وهو ما يفترض تسريع مشروعات الإعمار بواسطة شركات عالمية ذات خبرات عريقة؛ للوصول إلى سرعة الإنجاز والجودة العالية.
وفي الجانب الحكومي تهدف الرؤية إلى الانتقال من المركز 36 في الحكومة الإلكترونية إلى المراكز الخمسة الأولى، ولا نجد الآن ما يدفعنا إلى تفاؤل كبير في الوصول إلى أي رقم من المراكز الخمسة الأولى؛ فلا زالت جهات حكومية عديدة تعتمد على المراجعات المباشرة وعلى اصطحاب الأوراق ومتابعة تنقلها من إدارة إلى إدارة ومن موظف إلى آخر، ولو تأخرت متابعة أية معاملة فربما نامت على طاولة الموظف التقليدي البليد أشهرا عدة.
وأشارت الرؤية إلى ضرورة بذل جهد إعلامي مميز يوجه رسائل مستمرة عبر منصات مختلفة تقدم طموح المملكة العالي للوصول إلى رؤية 2030 م.
ولا يمكن أن تتحقق غايات وطموحات الرؤية العالية دون أن يسهم الإعلام التقليدي والجديد في مناقشة وتحليل أهداف وأدوات التنفيذ والعوائق بشفافية وثقة؛ بعيدا عن المجاملة أو التورية أو اللين والرفق في تعرية ما يمكن أن يقف دون تحقيق الطموحات العالية.
وبما أن حوكمة الرؤية التي وافق عليها مجلس الوزراء الموقر الأسبوع الماضي قد أكدت ضمن بنودها على «الشفافية» و «المحاسبة» فإن أكبر ما يقلق ويثير المخاوف من قصور محتمل في عدم تحقيق رؤية المملكة 2030 م أهدافها هي عدم امتلاك الشجاعة الأدبية والإعلامية في كشف ما قد يعترض تنفيذ الرؤية من معوقات معتادة؛ كبعض مظاهر الفساد المالي، أو عدم الاختيار الجيد للكفاءات المؤهلة ذات الخبرة، أو المحسوبية والشللية وتغليب المصالح الذاتية على طموحات الوطن.