عبدالحميد جابر الحمادي
تَأْملُ وتتمنى أي منظمة ومؤسسة في القطاعين الأهلي والحكومي بأن ترى موظفيها على قدر عالٍ من المسؤولية والولاء والإخلاص في خدمة أهداف وبرامج وغايات المنظمة التي يعملون فيها، لعلمهم ويقينهم وإدراكهم بأن ذلك سينعكس على حيوية وتميز ونجاح تلك المنظمة والمؤسسة مما قد يجعلها رائدة يوماً ما، ولذا فإن مجالس الإدارات والمجالس التنفيذية في تلك القطاعات تسلك وتستخدم وسائل وطرقاً ومناهج مختلفة لغرس وكسب ذلك الولاء الوظيفي، فتارة يكون عن طريق الحوافز المادية (مكافأة، تذاكر، هدايا، ترقية) أو المعنوية (خطابات الشكر والتقدير، مشاركته في صنع القرار،إلحاقه ببرامج تطويرية ،تفويض الموظف ببعض المهام القيادية).
فبعد الإعلان عن رؤية السعودية 2030 بدأت تنهال وتسيل مجموعة من الاستفسارات والتساؤلات والتخمينات حول كيفية تحقيق هذه الرؤية؟ ومتى؟ وما هي أدواتها؟ وهل الأجهزة الحكومية مستعدة وجاهزة ومتهيئة لتحويل تلك الرؤية على أرض الواقع؟.. وتوالت الاقتراحات والمبادرات والأفكار حول كيفية التخلص من الاعتماد على البترول إلى البحث عن مصادر وطنية جديدة, وهذه العملية بالذات (العصف الذهني ) بطريقتيه الجماعية والفردية لا ينبغي أن تقف أبداً، فكم من فكرة غيّرت واقعاً وصنعت مجداً وبنت حضارة.
مصطلح التمكين الإداري يعتبر من أهم العوامل والأسباب المؤدية لنجاح وتميز أي منظمة أو مؤسسة أو قطاع، وهو يختلف عن مصطلحي (التكليف أو التفويض) اللذَيْن يستخدمان في معظم الأجهزة الحكومية، حيث يقتصران على توكيل الموظّف بمهام محددة ولفترة زمنية معينة، أما التمكين فيختلف عنهما تماماً، حيث يهدف إلى تمكين الموظف ومنحه الثقة ليقوم بما يراه مناسباً ويحقق أهداف المنشأة والمنظمة، لكنه يأتي بعد التأكد من ثلاثة عناصر (القدرة وتسمى النضج وفهم الدور المطلوب، والسلطة وتعني فهمه لحدودها واستخداماتها، والمساءلة أي استعداد الموظف للمساءلة فيما أوكل إليه من مهام).
لذا فربما من المناسب أن تكون الخطوة والإجراء القادم هو تمكين الوزراء التمكين الكامل للقيام بما يرونه مناسباً لتحقيق أهداف وتطلعات هذه الرؤية، ومن ثم الوزراء يقومون بتمكين من دونهم من الموظفين القياديين وهكذا..، والهدف من تداول وتعميم ونشر ودعم ثقافة التمكين هو «زيادة الشعور بالمسؤولية لدى الموظفين جميعاً»، ولكي يلتفُّوا حول هذه الرؤية وذلك بمشاركتهم في إعداد البرامج، وصناعة القرارات المؤدية لتحقيقيها في الوزارات التي يعملون فيها والقطاعات التي ينتمون إليها وتصبح إذن مسؤولية الجميع.
وأخيراً لنختصر ما ذكرناه في هذا السؤال.. لماذا يعد التمكين الإجراء الأهم لتحقيق رؤية 2030؟ لأنه يقود إلى الإبداع والابتكار والحماس والمسؤولية وتبني الرؤية.