عبدالحميد جابر الحمادي
لم يكن هناك ما يدعو للدهشة أو التعجب أو الغرابة في أن يختار الملك سلمان حفظه -الله تعالى- الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد، فالملك سلمان لا يخضع مقاييس الاختيار والترشيح والتنصيب لمثل هذا المنصب أو غيره لأي عوامل بعيدة عن المنطق والموضوعية والدقة، حيث إن ولاية العهد تعني المسئولية تحت نطاق الهرم الأعلى وبأفق عريض ممتد بامتداد هذا الوطن وسعة هذا العالم، حيث تتداخل معها العلاقات الخارجية والدولية بكل مستوياتها واتجاهاتها.
ولي العهد الأمير محمد بن نايف -حفظه الله- قبل توليه هذا المنصب اختاره والده الأمير نايف -رحمه الله- ليكون بمثابة السند والعضد في وزارة الداخلية الذي جاء تعيينه فيه مساعداً لوزير الداخلية في فترة تحولات أمنية وفكرية تنصب حول قضايا الإرهاب بكافة صوره وأشكاله وأنماطه التخريبية والتدميرية، وكان له دور ريادي استثنائي في كلا الجانبين التحييد والتضييق على توسع الجماعات الإرهابية أو حتى الأخذ بيد من وقع بالخطأ أو الجهل في تلك المستنقعات والبراثن الفكرية، فكان تبعاً راضخاً منفذاً عبر برنامج الأمير محمد بن نايف للمناصحة.
حادثة التفجير التي قام بها أحد الإرهابيين أثناء طلبه مقابلة سموه أظهرت وأشاحت لنا عن عدو متربص يكمن في عقل وفكر ووجدان كل إرهابي متشدد ظالم لنفسه ولدينه ولوطنه، وكانت فرصة أيضاً لتعريفنا عن إمكانات وبسالة وشجاعة وإقدام ورباطة جأش القائد محمد بن نايف بتعامله مع الموقف وفي لحظاته وساعاته الأولى، وتؤكد لنا -فراسة- والده الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- في اختياره مساعداً ومتابعاً لعدد من الملفات وفي مقدمتها ملف الإرهاب, ولعل الإنجازات التي حققها جهاز وزارة الداخلية المعني الأول بالأمن لأكبر دليل وشاهد على ذلك سواء في سرعة الكشف عن هوية المطلوبين وإيضاح المعلومات المهمة حولهم، والقبض على المهربين للمخدرات بشكل يدعو للفزع وخاص إذا ما علمنا أنها لا تهرب في بلد كبلد المملكة العربية السعودية.
بأمر خادم الحرمين الشريفين قام ولي العهد الأمير محمد بن نايف، يرافقه أخوه الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية لزيارة المصابين في حادثة القديح وللقاء أقارب المتوفين والمصابين الذي يدينه كل مواطن غيور مهتم باللحمة الوطنية ومستوعب لأسباب ودواعي وقوعه في مثل هذا التوقيت تحديداً، كان سموه يعي ألم وضيم أسر المصابين والمتوفين في تلك الحادثة لذا كان يصغي ويتفاعل ويتعاطف أثناء السلام والمواساة مع الأهالي وذويهم، لكن المناسبة والموقف لم ينسياه أو يجعلاه يغض الطرف عن مسئوليته كوزير للداخلية ورجل دولة وولي للعهد لشرح الحقوق التي على الدولة والواجبات التي على المواطن في غضون ثوان بطريقة تتناسب مع ظرف المناسبة والحدث والتوقيت، حيث جمع بين الحلم والحزم والحكمة بتوفيق الله وتسديده.
فسر يا أمير موفقاً -إن شاء الله تعالى- لا تأخذك في الله لومة لائم، مستمداً القوة والنصر والتمكين من الذي بيده كل ذلك
{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} صدق الله العظيم.