أ. د.عثمان بن صالح العامر
إنهاك المملكة اقتصادياً، وإرهاقها عسكرياً، وإشغالها سياسياً، واتهامها فكرياً وعقدياً، وإعاقتها تنموياً و... جزء من مشروع غربي ضخم، يراد منه التفكيك والهدم لدول المنطقة عامة، والمملكة العربية السعودية خاصة تحقيقاً لشرق أوسط جديد، تكلّم عنه بكل صراحة ووضوح مفكرون وسياسيون واستراتيجيون أمريكيون وأوربيون كُثر، منذ بدأت طلائع ما أطلق عليه (الفوضى الخلاقة) مروراً بما سمي (بالربيع العربي) وانتهاء بالأزمات المفتعلة في منطقة الخليج التي وظفت فيها الطائفية بامتياز، وجندت من أجلها المليشيات الإيرانية بشكل فج وفاضح، ودُغدِغت- في سبيل تغلغلها بنسيجنا الاجتماعي والثقافي- نفوس ضعيفة أغراها البريق وخدعتها الوعود، فكانت طابوراً خامسًا بثّ سمومه من خلال العالم الافتراضي المفتوح.
* في هذا السياق يأتي إدراج الأمم المتحدة، الجمعة 3 يونيو/ حزيران، التحالف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن، في اللائحة السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال في النزاعات والحروب.
* شخصياً لم أستغرب هذا الصنيع؛ فمثل هذه الهيئات والمنظمات هي في الأساس الذراع العالمي للمشروع الغربي يحركها كما يريد، فتدين هنا وتغض الطرف هناك ، واليوم وقد أعيت هؤلاء المؤتمرين على بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية الحيل، وتفرقت بهم السبل - جراء وجود قيادة عازمة وحازمة، وشعب متراص متماسك - كان من الطبيعي والحال هذه أن يسعى هؤلاء في توظيف المنظمات والهيئات العالمية في سبيل تشويه السمعة والنيل من المملكة التي تقود قوى التحالف، خاصة «الأمم المتحدة» التي من المفترض أن يكون لها الاستقلالية التامة والسعي نحو السلام العالمي الحقيقي، لا سلام الكبار المنبثق عن معطيات ومبادئ النظام الرأسمالي الأعوج.
* الشيء الذي أسأل عنه هنا .. ترى هل هذا الحكم الأممي ينطبق على الولايات المتحدة الأمريكية؟ خاصة (أن البيت الأبيض أصدر بياناً بالتزامن مع بدء الضربات الجوية في اليمن، أعلن فيه موافقة الرئيس باراك أوباما على تقديم دعم لوجستي واستخباراتي لعملية «عاصفة الحزم» العسكرية.. جاء ذلك على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي «برناديت ميهان» التي أكدت في ثنايا تصريحها السابق أن الولايات المتحدة الأمريكية تنسق بشكل وثيق مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي في القضايا المتعلقة بالأمن والمصالح المشتركة)؟!!!.
* إن هذا الفعل من قبل هيئة عالمية معتبرة ليس الأول ولن يكون الأخير، فهي كما سبق أداة طيعة في يد الأمريكان، وهي جزء من خيوط اللعبة التي تتحرك زماناً ومكاناً حسب متطلبات المرحلة واحتياجات المعركة الشمولية التي تدور رحاها في منطقة الخليج، وتتعدد منافذها وتتنوع أساليبها ووسائلها كما أشرت أعلاه.
* لقد صارت الولايات المتحدة الأمريكية تفتعل الأزمات في المنطقة بشكل غبي، وتحرق المراحل - كما يقول الاشتراكيون السوفيت - وتوظف التقنية، وتستأجر النائحة التي ترثي الحال، وتعد بالفردوس المفقود، كل ذلك من أجل أن تشتت جهود قادة الخليج، وتستنزف مواردنا الطبيعية والبشرية في هذه الجزء من العالم، رغبة منها في إعلان ميلاد شرق أوسط جديد يختلف تاريخياً وجغرافيا، فضلاً عن اختلافه سياسيا واقتصادياً وفكرياً واجتماعياً عمّا هو قائم اليوم .
* لقد غاب عن بال «بان جي مون» الأمين العام للأمم المتحدة، وهو يعتمد هذه التقارير المُدينة لقوى التحالف، أو أنه يجهل أصلاً، أن الطيار السعودي يتحرك لضرب أهداف عسكرية محددة بدقة متناهية، وأنه وهو ينفذ هذه الطلعات الجوية يستشعر أنه:
* يدافع وطنية عن وطن يختلف عن جميع الأوطان، بلد الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي وقبلة المسلمين في كل مكان، وطن يغرس في أبنائه منذ نعومة أظفارهم سلوك المسلم الواجب عليه الالتزام به حين السلم والحرب، وطن يدرّس جنده ومقاتليه- وهم في المرحلة النهائية من حياتهم التعليمية- مادة الثقافة الإسلامية التي تذكرهم بالأخلاقيات التي يجب أن يتحلوا بها كرجال معركة وجنود عقيدة ووطن .
* فضلاً عن هذا وذاك فهم يسعون في جهادهم المشروع هذا إلى إعادة الشرعيّة لأرض عربية جارة وصديقة، ولدرء الخطر عن بلادهم المقدسة المباركة .
* غاب عنه وهو يصرّح بهذا التصريح الخطير- المجافي للحقيقة والمتناقض جملة وتفصيلاً مع ما ذهبت إليه تقارير الأمم المتحدة نفسها من قبل - أقول غاب عنه ما تبذله المملكة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية من جهد منقطع النظير، في سبيل إيصال المساعدات الإنسانية للأطفال والشيوخ والنساء في أرض اليمن .. فكيف يكون منها قتل الأطفال وهي من يمد لهم يد العون، ويخاطر رج ال سلمان الخير بإيصال المساعدات الإنسانية رغم الصعوبات على الأرض للبيت اليمني المحتاج؟!!!
كل عام وأنتم بخير، وإلى لقاء والسلام.