سعيد الدحية الزهراني
يستصحب التغير الاقتصادي معه ـ بالحتمية لا بالاختيار ـ تغيرات ما يلحق تاليًا، اجتماعيًّا وقيميًّا وثقافيًّا واتصاليًّا وسياسيًّا، وحتى دينيًّا.. وفي مختلف صنوف الحياة البشرية ومستوياتها الفردية، وأبنية أنسجتها الاجتماعية..
المال هو ارتكاز التغيُّر والتغيير، برحيله أو شحه ونضوب نبعه ترتحل أشكال حياتية كاملة.. مثلما بوفرته تحل أشكال أخرى.. وفي كلتا الحالتين يحضر عامل الإزاحة والإحلال والثانوي والرئيسي بصورة يجعلها صوت المال مبررة وسائغة مستساغة..
رؤية المملكة 2030م الطموحة.. تسير عبر هذا الطريق الاقتصادي المالي.. وهو الطريق الذي إن لم نمضِ إليه من اليوم فسنجد أنفسنا عشية يوم إتمام 2030م وربما قبلها باكرًا أصفار الأيدي والجيوب.. وفي هذا الحقل الاقتصادي يحضر أرباب فكر المال والاقتصاد؛ ليحللوا ما لستُ أهلاً له..
يعنيني هنا تحولات الثقافة المجتمعية العامة بمختلف تفريعاتها.. تلك التي سيستصحبها معه تغير المال وتحولاته.. وهو ما لم تغفله الرؤية وفق ما تضمنته ديباجة نص الرؤية المعلنة وبرامجها التنفيذية..
هذا الاستصحاب بالحتمية لا بالاختيار - كما أسلفت - لا يعني أن نسلم ونستسلم.. بل يدعونا إلى استقراء مآلات القادم، واستشراف أفق المقبل من تحولات.. وبالتالي وضع التصورات التي تضمن عبورنا إلى الضفة الأخرى من النهر بأقل الخسائر الثقافية المجتمعية.. بل ببناء ثقافي مجامعي متين وخلاق..
الدور هنا يقع على كاهل الجامعات ومراكز البحث والمشتغلين في حقول الثقافة والمجتمع.. نحو تقديم رؤى وتصورات، ترفد مسار رؤية المملكة 2030م في ميدان الثقافة المجتمعية العامة.. وبوضوح وشفافية وطنية عالية ومسؤولة.. وهو المنهج المبهج الذي رسمه سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في لقاءاته الإعلامية حال إعلان الرؤية.. ولعل سموه يتبنى دعم هذا المسار عبر تشكيل خلية عمل ثقافية وطنية، تستقرئ مآلات الثقافي والاجتماعي المستصحبة، ومرة أخرى بالحتمية لا بالاختيار.. مع عامل «المال والاقتصاد» المفصلي في منظومة التحولات التي تغير مسار الحياة الإنسانية العامة..
المال متن.. والثقافة متن أيضًا..