سعيد الدحية الزهراني
منح روحه للطير وللمهمشين وللصبر..
ولجمال ما لا تراه العين في المهمل من كل شيء..
حين اختار أن يمنح نصفه كاملاً لأحلام المغتربين..
ولوجع أيامهم وضيق حجراتهم..
كان يفعل ذلك لأنه وجد ذاته..
أن يكون بعض الفرح أمام طوفان الحزن المتكدس في حجرات الوافدين..
سألته يوما:
في أي اللحظات تركت روحك؟ ..
أجاب: في صدفة التقيت فيها بعامل من بلاد الهند..
قطع مسافة لا تقل عن 10 كلم وسط ظهيرتنا اللاهبة..
من أجل أن يحصل على طعام للطيور التي اعتادت على قوتها أمام حجرته كل يوم!!
سكت.. استزدت..
فمضى: من يومها وأنا أشارك طيور هذا العامل الهندي قوتها..
أمر من حين إلى حين صباحاً به وبطيوره..
أُطعم روحي غذاء إنسانيتها العميقة من أمام حجرته الفقيرة من كل شيء..
إلا من غناها بلحظة الغد..
ثم أكمل مسيري نحو حفلات أقنعة الوجوه التي بات طقساً لحظياً بامتياز..
في عزاء صديقي..
حضر أبناء الجاليات المهمشة..
أصدقاؤه الخلّص الحقيقين..
كان بكاؤهم أصدق من كل أوجاعنا العابرة..
كان فقده غربة إضافية لهم..
كم هم أيتام صدقك يا حسن ؟!
تعلمت من صديقي حسن ـ يرحمه الله ـ الذي لم يكن من حزب التمثيل الثقافي..
أن الثقافة هي أن تكون إنساناً حقيقياً..
وأن قيمة الثقافة العميقة.. ليست أكثر من حالة لسلوك إنساني نبيل..
الثقافة.. سلوك ..