فوزية الجار الله
لم يكن بيني وبينها معرفة سابقة لكن أشرقت عيناها حالما علمت بأنني أمتهن الكتابة، للوهلة الأولى ظننت الدافع لهذه الإشراقة حباً في الأدب ورواده، لكن حدسي لم يكن صحيحاً، بل كان دافعاً آخر، هي تعتقد بأن معنى أن أكون كاتبة هذا يعني بأنني أملك مفاتيح لكل المشكلات المعاصرة والقضايا الوطنية على أدنى تقدير، هي تعتقد بأنني لا أعاني نقصاً ولا احتياجاً ولا أعاني مشكلة فكل ما أطلبه أجده، وكأنما أملك مصباح علاء الدين السحري، لكنني لحظتها لم أملك سوى أن أحسن الظن بوجهة نظرها وأن أعزوها إلى الطيبة ونقاء السريرة، لكن ما رأيته في عينيها جعلني أتذكر متى كانت آخر مرة تجاوب فيها مسؤول حول ما أكتب من ملاحظات أو نقد عابر حول خلل ما، الحقيقة المرة التي تفرض نفسها كحدّ السيف، على الأقل من وجهة نظري وفيما يخصني أنني لا أتذكر!
في زمننا هذا لم نعد نرى تجاوباً سريعاً من المسؤولين كما كان الأمر منذ سنوات قلائل، ربما يكون السبب الأكثر احتمالاً لذلك هو اكتساح وسائل التواصل الاجتماعي عالمنا اليوم، حيث أصبحت الكتابة في متناول الجميع. أصبحنا نرى حسابات مفتوحة للجهات الرسمية للوزارات المختلفة على سبيل المثال، معظم هذه الحسابات الرسمية وُضِعَت للأسف على سبيل الاستعراض والوجاهة لا أكثر، تبدو هذه الحسابات محاولة لترويج معلومة مضللة: إننا هنا أيها المواطنون وعلى استعداد لحل مشكلاتكم فلتهنأوا بأوقاتكم، بدليل أن المواطنين لا يحظون بإجابة على أسئلتهم معظم الوقت «عمك أصمخ» !! كما يقول المثل الشعبي المعروف.
أعود إلى رفيقتي التي استبشرت برؤيتي وكأنما أنا الفارس الأسطوري الهمام الذي سيحطم الحصون ويعيد الأمن والعدالة للبشر وللشجر والحجر على حد سواء !! قالت لم لا تكتبين عن الإسكان قلت في نفسي «آه ومن لم يعاني؟!» ذكرت بأنها مطلقة ولديها أولاد وبنات وهي بحاجة إلى سكن وذكرت المنطقة التي تسكنها قالت بأنني قدمت لطلب أرض، وأعرف كثيرون فعلوا مثلي منهم زميلة أعرفها أصغر مني عمراً بكثير وأقل احتياجاً إضافة إلى أنها قدمت طلبها بعد طلبي بكثير، حيث كانت الأسبقية لي، تم تنفيذ طلب زميلتي بينما أنا لا أزال في الانتظار وقد حدثت أمين بلدية المنطقة حول ذلك أجابني مهدئاً من غضبي أنني سوف أكون ممن سيتم تنفيذ طلبهم في الدفعة القادمة، تقريباً بعد شهرين، مضى الموعد المحدد ولازلت أنتظر.
تحدثت وأنا أستمع بكثير من الدهشة والحيرة وقلة الحيلة، علي قبل الكتابة: أولاً: أن أبحث عن أي حقبة تتحدث السائلة ؟! فقد توالى على وزارة الإسكان مؤخراً أكثر من وزير.
ثانياً: هل يوجد توزيع لقطع أراضي، بشكل عام أو في مناطق محددة في بلادنا، شخصياً لا أعلم.
ثالثاً: فيما لو حصلت على كافة المعلومات الصحيحة ثم ضمنتها مقالاً ووضعت أسئلتي هل سأجد إجابة من أحد؟! أم أن مصير أسئلتي القادمة سيكون مثل أسئلتي السابقة؟ (حكاية القربة المشقوقة لازالت حية تتكرر عبر الأجيال).