فوزية الجار الله
خلال الشهرين الماضيين كنت أتابع بمنتهى الدهشة حساباً على التويتر باسم (أم عبدالرحمن) أدرجت من خلاله خدمات إعلانات للمجتمع المحلي السعودي تشمل خدماتها المملكة بأكملها، يأتي في مقدمة هذه الخدمات ترويج العمالة المنزلية خادمات وسائقين بحيث تعرض العمالة للتنازل بمبالغ خيالية تتراوح ما بين الخمسة وعشرين ألفاً والخمسة والثلاثين ألف ريال سعودي، وفي معظم الإعلانات توضح أن لها مبلغاً خاصاً أو بالأصح عمولة ثمناً لأتعابها، حسابها يتضمن صوراً للخادمات مرافقة لكل إعلان على حدة بشكل واضح وصريح بأسلوب من أمن العقوبة واستمرأ جمع الأموال.. كنت أتابعها باهتمام وقد نويت الكتابة حولها وحول من شابهها من المتاجرين بالعمالة، قرَّرت الاحتقاظ ببعض الصور للحساب ليكون دليلاً مادياً لدي تحسباً لحذف الحساب أو اختفائه لأي سبب كان..! أثناء المتابعة قرأت يوماً إعلاناً يقول بأن هناك شخصاً يسكن في الجنوب يرغب في المساعدة من أي شخص كان يستطيع إنهاء معاملته في الرياض وسوف يتلقى 5 آلاف ريال مقابل أتعابه، أدهشني هذا الإعلان وتلك المعاملة التي تتطلب كل هذا المبلغ، من المتوقّع أن يتضمن الإعلان هذه الاحتمالات: أن تكون معاملة عادية مثل كافة المعاملات إذاً لا ينبغي أن يُدفع هذا المبلغ لإنجازها مهما بلغت الظروف ولو كان الشخص يسكن خارج الرياض، في النهاية هو مواطن من حقه إنجاز معاملاته أسوة بسواه من أبناء البلد وليس عليه دفع أي مبالغ.. الاحتمال الآخر أن تكون المعاملة غير عادية وفيها اختراق للنظام وللقانون، حيث سيقوم الوسيط بمجهود بالغ كي يساعد صاحب المعاملة لنيل ما ليس له حق فيه!
أدهشني ذلك الحساب وما يحويه من إعلانات لنقل الكفالة والتنازل بهذه المبالغ المخيفة، وتذكّرت ما حدث لإحدى قريباتي الموظفات منذ سنوات، حيث كانت بحاجة ماسة لخادمة فتلقت نصيحة من أحداهن بالتعامل مع أحد الأشخاص يبدو متمرساً بالعمل وسيطاً فيما يخص التنازل عن العمالة المنزلية.. حصلت قريبتي على خادمة بعد كثير من الإجراءات والمعاناة وبطريقة غير نظامية وبمبلغ مرتفع كثيراً عمَّا هو متعارف عليه، حيث طلب منها الرجل 23000 ريال سعودي.. بعد أسبوع هربت الخادمة من المنزل وهرب الرجل الوسيط أيضاً، اختفى تماماً ولم يعد يرد على هاتفه الجوال، بل لم يعد رقم الجوال موجوداً إطلاقاً!! إن لم تعني هذه الحادثة خداعاً ونصباً واضحاً فماذا تكون إذاً؟!.. هذا ما يحدث حين يغيب النظام وتغيب العقوبة!
الإعلانات التي تابعتها أعلاه حدثت بعد الكثير من المطالبة بإيقاف المتاجرة بالعمالة المنزلية.. ورغم ذلك نُشرت هذه الإعلانات بكل صفاقة وكأن شيئاً لم يحدث!
أخيراً أقول بأني كتبت هذا المقال لأعبِّر عن سعادتي بتصريح وكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية يوم الأحد الماضي عبر بعض وسائل الإعلام الذي ظهر تحت عنوان (3 عقوبات تنتظر المتاجرين بخدمات العمالة المنزلية المخالفة).. أتمنى أن يكون التنفيذ دقيقاً وصارماً تماماً كما هي فحوى هذا التصريح.