فوزية الجار الله
يبدو غامضاً أحياناً تقول لنفسها: لا بأس لابد من صبر وتحمل هو يعاني كثيراً من الشتات ولابد من إعادة تكريس ثقته بنفسه ومساعدته في استعادة ما تناثر من أحلامه، لكنه لا يعينها على نفسه ..!
مؤخراً راته يقضي وقتاً طويلاً على الانترنت، هو في الحقيقة ليس مؤخراً فقط بل بدا ذلك منذ أيام زواجهما الأولى التي كانت عسلاً عابراً يخيل إليها من فرط سرعته بأنها لمحت بريقه تحت ضوء ساطع على شاشة التلفاز ولم تمسه بأصابعها ولم يصل إلى شفتيها. انتابتها الشكوك فيما إذا كان «زير نساء» يتذرع بالعمل على الإنترنت فيما هو يتحدث مع جمهرة من نساء، هذه وتلك.. لا تريد أن تجعل من نفسها كائناً متلصصاً لكنها بخبرة الإنسانة وإحساس المرأة الخاص في أعماقها تأكد لها بأنه ليس كذلك، حسناً، حمداً لله لن تكون شبيهة لنبيلة عبيد في فيلم (أرجوك أعطني هذا الدواء).
إذاً ما الحكاية؟! زادت حالة انعزاله على الإنترنت وزادت تعاستها وشعورها بالوحدة والغبن!
علمت من إحدى صديقاتها بشكل غير مباشر بأنها تراه على صفحة «الفيس بوك» و»التويتر» طوال الوقت، وهو يتواجد على الأول أكثر بكثير من الأخير «التويتر».. تراه بعد صلاة الفجر، في الضحى، الظهيرة، فترة المغرب، وهي فترة ميتة وباردة بالنسبة لمعظم صفحات التواصل الاجتماعي..
تراه يكتب عبارات متنوعة ويضع صوراً وكثيراً من مقاطع الفيديو وأحياناً يدخل في نقاشات جادة وأخرى هزلية، أحياناً يتحدث عن قضية فلسطين، عن المستوطنين الصهاينة وعن اللاجئين وأحياناً يدخل في نقاشات أخرى عن انتشار البعوض والذباب في نهايات الشتاء وفي مستهل الربيع.. مرة يضع منشوراً للعرضة النجدية ومرة أخرى أغنية لمايكل جاكسون!
في ذلك اليوم بعد أن امتلأ رأسها بذلك الضجيج الذي حدثتها به صديقتها وكأنما تخفي سؤالاً بين كلماتها: ما بال زوجك؟ هل يعاني بطالة أو فراغاً؟ ما هو موقعك في حياته؟!
سبق لهما أن اتفقا منذ البداية على النوم في غرفتي نوم منفصلتين عن بعضهما فكلاهما ناضج ولابد من شيء من الخصوصية التي لا تؤثر إطلاقاً على سير حميمية علاقتهما.
في تلك الليلة قررت أن تكون أكثر فعالية وإيجابية، حين دلفت إليه في غرفته كان منهمكاً على صفحة الفيس بوك، رفع رأسه رد تحيتها على عجل ثم عاد إلى الشاشة، جلست حوله، ناولته كوب الشاي، تركه جانباً أما هي فقد أصبحت تحاول التلهي بقراءة مجلة كانت في يدها، وقفت ودعته ولا تدري فيما كان قد سمعها أم لا؟ دلفت إلى غرفتها وتناولت نوتة ذهبية صغيرة تحمل أرقاماً هامة.. آه أخيراً وجدته، استشاري نفسي شهير سوف تهاتفه الآن أو غداً وتطلب موعداً قريباً جداً لعرض زوجها الذي يعاني كثيراً من التشويش ومن صعوبات في التواصل وانفصال عن الواقع، حتى أصبح أشبه بسطر عابر على الفيس بوك، غداً لابد أن تفعل ولعل وعسى تجد لديه قناعة لتلقي علاج عاجل، لابد من وسيلة لإقناعه.