رقية سليمان الهويريني
انتشرت صورٌ معبرة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهي تقف خلال طابور طويل في أحد المتاجر بانتظار دفع ثمن السِّلَع التي اشترتها. بعدها قامت بتلقائية بإخراج حافظة نقودها لتدفع الحساب حيث اشترت برتقالاً وليموناً من المتجر القريب من مقر سكنها! والذي تستطيع الوصول إليه مشياً على قدميها، حيث تعيش ميركل مع زوجها في الطابق الرابع من أحد المباني.
ويبدو الأمر في غاية البساطة لدى الألمان، حيث اعتادت ميركل أن تذهب للمتجر ذاته للتسوق، ولكن العجيب هو ذلك الفضولي الذي قام بتصويرها ونشر الصور! ولعله عربي يقضي إجازته الصيفية في برلين!
الجميل في الصورة هو اعتمادها على نفسها في التسوق وانتظارها لدورها بالصف، والالتزام باحترام الطابور، هذا النظام الحضاري الذي لم نُجِدْهُ وفشلنا في تنشئة أبنائنا عليه! وحتى لو تم توجيههم فإنهم يرون استهتار الأقوياء ممن يتجاوزون الطابور فيحاكونهم أو يشعرون أمامهم بالاستفزاز أو الاستصغار! فيسعون لتخطي الصف لو استطاعوا!
وقد يجهل البعض أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعتبر أقوى امرأة في العالم حسب ترتيب قائمة مجلة «فوربس» لهذا العام. عدا أن بلدها (ألمانيا) يعتبر ثالث أقوى اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة واليابان. ويحسب لها أفضل نظام في الضمان الاجتماعي الذي ينبع من ازدهار الاقتصاد. برغم أنها البلد الأكثر سكاناً في أوروبا حيث يبلغ 82 مليون نسمة. وقد نجحت أنجيلا في الوصول إلى أرفع منصب سياسي في البلاد، والحفاظ عليه لفترة ثانية، ولم يزدها بطراً واستعلاءً بل كساها تواضعاً وجمالاً!
والحق أنني أشعر بالتقدير لهذه السيدة لأنها تقود بلدها نحو الرفاه والتقدم والحضارة، حيث تتقدم ألمانيا في مجالات الطب والصناعة. وليس تفوق أوروبا وبالذات ألمانيا في الصناعة والنهضة فحسب؛ بل في احترام النظام والتزام العدل ونهج المساواة.
وأحسب لو أن مشهوراً من الفنانين أو الرياضيين أو الوعاظ العرب دخل سوقاً أو مجمعاً تجارياً (وقليلاً من يفعل) لوجدت الناس يتحلقون حوله ويلتقطون صورة (سيلفي) معه لأنه مشهور! وليس لأنه أحدث فرقاً أو قام بعمل عظيم يجعل التصوير معه ذا مغزى، وإنما هي صور الشهرة فقط!
تراودني أمنية أن ألتقط صورة سيلفي مع ميركل، وأحتسي معها القهوة وأشكو لها تهاوي القيم، وصناعة الطواغيت، وأطلب منها وصفة من تجاربها لتصحيح الوضع!