رقية الهويريني
لم يدر بخلد أحد من البشر أنه سيأتي يوم يقوم برنامج شعاره (طائر أزرق صغير)، يحمل بضع كلمات قصيرة بهز عروش بعض الرموز الزائفة، وكسر قيود التعبير، وتحطيم قداسة فئة مارست استغفال العقول! فبدأ ببراعة يحسر الغطاء عن زيف شعارات المرتزقة الذين استغلوا القطيع من متابعيهم لإعلاء مصالحهم الشخصية وزيادة مكاسبهم التجارية.
ومن المعلوم أنه ظهر في تويتر مشاهير الفن والرياضة وكبار نجوم الوعاظ والإعلاميين وغيرهم من أصحاب الحسابات المليونية فاستغلوا كثرة المتابعين ليسترزقوا بهم ورضخوا بدناءة لرغبات المعلنين، بهدف الكسب المادي فقط دون اعتبار للقيم والمثل والأخلاق والوطنية، وتتفاوت أسعار الإعلانات في حساباتهم بحسب نشاط صاحب الحساب وكثرة تابعيه.
ولأن بعض فئات المجتمع السذج هم من صَنَعَ أصحابَ تلك الحسابات بالمتابعة والتبجيل فقط، فإنهم استغلوا هذه الميزة وصاروا يكسبون منهم دون أي كفاءة يمتلكونها أو استحقاق علمي أو فكري يميزهم، وتضخمت (الأنا) عندهم فأصبحوا لا يردون على متابعيهم ولا يتواصلون مع مطالبهم البسيطة، وقد يحظرونهم عندما يعاتبونهم أو حتى يناقشونهم!! يقول فولتير: (من الصعوبة أن تُحرّر السُذّج من الأغلال التي يُبجِّلونها)!
وبرغم أن تويتر قد منح الفرصة لهوامش أفراد من المجتمع، وعزز من مكانة أشخاص لا يملكون مقومات توجيهية أو توعوية سوى كمية هائلة من الهياط والاستعراضات بأشكال الخير أو التصدق ببعض ممتلكاتهم للبسطاء والفقراء؛ إلا أن تويتر في المقابل منح الجزء الآخر من المجتمع المستقل فكرة واسعة عن حجم قوة الرأي العام المتصاعدة والمضادة لذلك التيار الوهمي، والمدى الذي سيصل له الوعي قريباً، والتنوير الذي يحتاجه الناس حتى لو واجهه الرفض الاجتماعي المؤقت!.
ولعلي أشيد بشخصية (الشيخ طنف) الذي ساهم بنقلي ـ شخصياً ـ إلى فضاء من الفكر التنويري، وفضح بجدارة وشجاعة أولئك المرتزقة من المشاهير الذين يلمعون شخصياتهم على حساب البسطاء السذج، ولم يرضخ لإغراءات المال وإرهاب النفوذ. وكذلك شخصية (نايفكو) الذي يحارب أشكال الوهم ويقاتل بفكره ومنطقه المتاجرِيْن به، فهذان الرجلان يسعيان بوعيهما النَّيِّر لحصار المستشرفين المتناقضين الذين يمتطون صهوة الدين لتحقيق مآربهم الشخصية.
وإن كان من وصف مناسب لتويتر فهو المنصة الشعبية التي لا تُشترى بالمال، وهو برلمان نقي للأصحاء لنشر الوعي وتبادل الفكر وتصفيته من الشوائب، وهو بحق أصبح يشكّل حصاراً إلكترونياً لمن لا تتوفر فيه الشفافية والمصداقية.