سمر المقرن
يدنو شهر رمضان المبارك، وتدنو معه استعدادات الأسرة لاستقباله، وكالعادة في كل عام.. تبرز الثقافة المحلية قبيل دخول الشهر الكريم، ويبدأ الناس في الإقبال على أسواق المواد الغذائية في يوم التاسع والعشرين، وكأنهم فوجئوا بشهرٍ له طقوسه الخاصة.
فئة ليست بالقليلة من مجتمعنا، يمكن أن نطلق عليها فئة «اللحظات الأخيرة»، لكونها لا تتذكر إنهاء أمورها إلا مع اقتراب الحدث أو المناسبة، رمضان مثال، والعيد مثال آخر، والعام الدراسي هو الآخر مثال أيضاً، والأمر يمتد ليصل إلى المناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف التي غالباً ما يتم الدعوة إليها قبل فترة طويلة من إقامتها، لإتاحة متسّع من الوقت للاستعداد لها.
هي ثقافة اجتماعية سائدة، نشأنا وتربينا عليها، ولا نزال نرفض أن نغيّرها، ونفضّل دائماً أن نلتقي في الأسواق والمجمعات التجارية لصنع صورة من الازدحام البشري والسباق على السلع المتنوعة، في الوقت الذي بإمكاننا فيه إنهاء كل ذلك في وقت مناسب يجعلنا أكثر أريحية ومرونة وسرعة في اختيار ما نريد والحصول على كل ما نحتاجه.
ولا شك أن العروض التي اعتادت أسواق المواد الغذائية على إطلاقها جذباً للمستهلكين والتي قد يعتريها الكثير من الخداع في ظل غياب ما يطلق عليها «جمعية حماية المستهلك» عن أداء دورها بالشكل المطلوب، أسهمت في تعزيز تلك العادة الاجتماعية وتكريس وجودها أكثر، فالمستهلك البسيط ينساق سريعاً خلف تلك العروض التي لا تظهر إلا قبيل المواسم، وبالتالي يؤجل كل ما يمكن القيام به لحين أن تجد تلك العروض طريقها وتأخذ نصيبها من الترويج الذي يداعب أوتار تسويقية تستهدف جذب المستهلك إلى ما يحتاجه وما لا يحتاجه.
باعتقادي أننا بحاجة إلى التوقف ملياً عند بعض عادتنا الاستهلاكية، والنظر في مدى صحتها من عدمها، والاهتمام بمعالجتها وتصحيحها، والتدقيق أكثر فيما يخص العروض والتخفيضات التي ننجذب إليها بلا وعي أحياناً، والإدراك التام بأن بعضها لا تعدو كونها شكليات خادعة لا تختلف كثيراً عن التسوّق في أي يوم من أيام السنة، ما يعني أننا لسنا مضطرين إلى معايشة معاناة البحث عن مواقف للسيارات، ومحاولة البحث عن بعض السلع التي سرعان ما تنفد في ظل الإقبال البشري الهائل في ظرف يوم أو يومين قبل رمضان أو غيره من المواسم، كما أننا لسنا بحاجة إلى الاصطفاف في طوابير طويلة لانتظار المحاسب، فالأمر أبسط من ذلك بكثير، فقط احرص على إحضار ما تحتاجه لنفسك ولأسرتك ولمنزلك قبل فترة كافية من كل المناسبات، خصوصاً أن معظم تلك المناسبات لها تواريخ محدّدة ومعلومة.
بارك لنا ولكم في شعبان وبلّغنا وإياكم رمضان ونحن في صحة وسعادة، وكل «زحمة أسواق» وأنتم بخير.