سمر المقرن
لا أدري، كيف يُمكن أن يُترك موضوع استرجاع المطلقة -دون علمها- متروكاً على عواهنه؟ بل إن الهيئة العامة للمحكمة العليا في الرياض قد أقرّت مؤخراً عدم صحة عودة المرأة المُطلقة إلى طليقها، إن هو كتم عنها خبر «استعادته» لها وكانت قد ارتبطت بالزواج من رجل آخر بعد نهاية عدتها!
أريد أن أعلم كيف يتم السماح للرجل أن يذهب ويستعيد المرأة التي طلقها دون علمها؟ وبأي حق يحدث هذا وكأن المرأة عبارة عن كيس يحمله ويرميه وقتما يشاء؟! أليس من المهم أن تُوجد المحاكم تنظيمات لعودة الطرفين الحاصل بينهما الطلاق وأن يجتمعا أمام القاضي وتقبل المرأة بعودتها له؟ كيف يطلق ويستعيد وقتما يشاء وكيفما يشاء؟!
أضف إلى ذلك، أن هذا القرار أتى بناء على أن الرجعة لا تصح بالكتمان، وسؤالي هنا كيف تعلم المحكمة أو تثق بأن الرجل لن يكتم خبر استرجاعه للمرأة، وكيف من الأساس يسترجعها دون موافقتها؟ أليس في هذا ثغرات إنسانية وحقوقية كبيرة؟ أليس من حق المرأة أن يؤخذ رأيها ومن حقها أن توافق أو ترفض العودة له؟ لماذا كل هذا التهميش للمرأة وكأنها ليست طرف رئيسي إنما تُعامل كتابع تُدار بأزرار الرجل؟!
كنت أتمنى أن لا يخرج هذا التنظيم بهذه الصورة التي قد تستيقظ فيها المرأة وتجد نفسها زوجة على ذمة رجلين، بل ستدخل في دائرة طويلة من الإجراءات القضائية وإيجاد ما يُثبت أن طليقها قد كتم عنها خبر استرجاعه لها، وهذا من شأنه أن يُفسد حياتها الجديدة مع زوجها الجديد، بل إنها ستقضي شهر العسل في ساحات المحاكم. هذا لو افترضنا أنها تزوجت.
وحتى لو لم تتزوج فمن حقها أن لا تبقى على ذمة رجل استرجعها دون موافقتها.
كان الأولى أن يُقطع الداء من جذوره وأن يصدر التنظيم بمنع عمل أي اجراء لاستعادة المرأة المطلقة إلا بحضورها وإقرارها وموافقتها، وقياس حجم الضرر في مدونة شاملة لأحكام الطلاق تُنهي هذه العقبات التي تواجه المرأة وتجعلها رهينة كل حياتها للرجل الذي يتحكم بها وبحياتها، ويُطلقها ويسترجعها وقتما شاء وكيفما أراد! إلى متى وهذه القوانين تزيد إجحافاً بحق المرأة، وتوغل في تهميشها، وتجعل غيرها يُقرر نيابة عنها مصيرها وشكل حياتها! كنت آمل أن تستحدث مدونة تجعل كل طرف يعي كيف يتقاضى وما هي حدوده وحقوقه وواجباته في إجراءات الطلاق، لا أن تُستحدث أنظمة تزيد العقدة تعقيداً!