سمر المقرن
لم أحتمل تلك المشاهد الوحشيّة المعروضة على يوتيوب لمهرجان مدينة يولين الصينية السنوي للحوم، حيث يتم سرقة الكلاب والقطط من أمام بيوت أصحابها ومن الشوارع وجعلها تجوع إلى أن يأتي يوم المهرجان، ثم يتم ضربها بطريقة إجرامية بواسطة العصي على رؤوسها، ثم تُعلّق وتُسلخ ويؤكل لحمها.
لا أعلم كيف لإنسان يحمل الحد الأدنى من المشاعر الإنسانية أن يرتكب مثل هذه الجرائم في حق كائن حيواني أضعف منه؟ في مشاهد بعيدة كل البُعد عن أي سلوكيات أخلاقية. المشكلة الأكبر أن مثل هذا المهرجان السنوي والذي بدأ في مدينة يولين منذ أقل من عشر سنوات، يُقام على العلن بحيث لا يوجد أي رادع قانوني يوقف هذه الجرائم بحق كائنات حيّة تمتلك حق الحياة كما يمتلكها الإنسان، هذه الحيوانات مليئة بالأحاسيس والمشاعر الفيّاضة التي قد يُقلل من وجودها -بعضهم- أو لا يشعروا بوجودها سوى للبشر. والغريب أن دولة مثل الصين وصلت هيبتها وواجهتها أمام العالم كلّه لم توقف هذا المهرجان الإجرامي والذي -بلا شك- سيسيء إلى سمعتها، خصوصاً لدى الأوساط الحقوقية التي يجب أن لا تصمت حيال هذا المهرجان الإجرامي!
الغريب أنه ما زالت هناك دول تعتبر في مصاف دول العالم الأول، وما زال الحيوان فيها يعيش في أسوأ أشكال التعذيب والتنكيل، ولعل ثيران إسبانيا تأتي في هذا الوارد، حيث أتذكر في إحدى زياراتي إلى هناك حضرت تلبية لرغبة أسرتي مصارعة الثيران، كنت الوحيدة بين الجماهير التي أشجع «الثور» ضد «الإنسان» المجرم، وخرجت بعد دقائق لأنني لم أحتمل مشاهدة هذا التعذيب الإجرامي بحق كائن حي من حقه أن يعيش لا أن يموت في سبيل التسلية والألعاب.
منذ سنوات، وكلما رأيت مثل هذه المشاهد بحق الحيوانات، يزيد عزوفي عن تناول اللحوم، بل إنني قد يمر العام لا أتناول فيه لحوم سوى مرة أو مرتين، وأطمح أن أصل إلى المرحلة النباتية، وهذه المرحلة التي وصل لها -بعضهم- هي مرحلة متقدمة جداً في الإنسانية.
في الوقت ذاته هناك دولة مثل سويسرا، قد أقرّت في دستورها الفيدرالي مصطلح (كرامة الحيوان) وهناك لجان تعمل ودراسات تُقدم لحماية كرامة الحيوان، وهذه المفاهيم الإيجابية مهم جداً الاطلاع عليها وتعميمها ليس في الدول المذكورة أعلاه، بل أيضاً لدينا محلياً خصوصاً إذا ما أدركنا أن الحلول التي تقوم بها البلديات للخلاص من قطط الشوارع هي حلول لا إنسانية، وأن هناك حفلات إعدام جماعية تُقام في الرياض في مشهد قد لا يختلف كثيراً عن مهرجان يولين، وإن اختلفت التفاصيل!