رقية الهويريني
لو ركب مواطناً دراجة هوائية وسار بها عبر الطريق الدائري أو في الشوارع الفرعية لاعتبر الناس ذلك الفعل خارقاً للعادة وغريباً، بينما هو في الواقع أمرٌ عاديٌ بين مواطني البلدان المتقدّمة التي عرفت الدراجة مند ظهورها الأول بفرنسا عام 1791م لهدف التسلية والترفيه والرياضة وقضاء أوقات الفراغ، ومن ثم تحوّلت لوسيلة مواصلات وللانتقال السريع في الدول الأوروبية والأمريكية، حتى شاع استعمالها بين رؤساء الدول والحكومات والوزراء والسفراء وكبار الموظفين من عمداء المدن ومدراء الشركات. ولم يشعر هؤلاء بالنقص من قدرهم، بل إني أجزم أنه يزيدهم ذلك إكباراً وتقديراً.
أقول ذلك بعدما سمعت مداخلة لعضو مجلس الشورى النشط الدكتور سلطان السلطان يدعو فيها بحماس لتسهيل أمر استعمال الدراجة في التنقلات. وفي الوقت الذي أؤيّده بقوة تذكّرت ما قرأته عن سفيرة الدنمارك لدى النمسا «ليزولته بليسنر»، التي لم تجد غضاضة في الحضور لأول اجتماع في رئاسة جمهورية النمسا وهي تركب دراجتها الهوائية البسيطة! وكذلك «مارك روتا» رئيس وزراء هولندا الذي اعتاد أن يقطع الشوارع وهو في طريقه لحضور الاجتماع الأسبوعي في مجلس الوزراء. ويستخدم الباريسيون الدراجات في الوصول لأعمالهم - يومياً - وهم يرتدون ملابسهم الأنيقة.
وبالمقابل العربي فقد عمد مجلس جامعة القاهرة في بداية التسعينات إلى فصل أحد الأساتذة لحضوره إلى الجامعة راكباً دراجته! وكان الأستاذ يرغب بتغيير نمط التفكير لدى الطلبة، حيث لم يكن يرى في ركوبها منقصة من قدره، بل كان له أهداف سامية؛ إلا أن المجلس رأى أن هذا السلوك إهانة لهيئة التدريس، ولو حضر على ناقة فربما ما زال محتفظاً بوظيفته!
وبعيداً عن الثناء على الغرب، والاستغراب حول تفكير العرب؛ فإننا لو استبدلنا قيادة الدراجة عوضاً عن السيارة ولو لمدة 15دقيقة وبمعدل 7 كم يومياً فسوف نساهم بمنع انبعاث 23 كجم من أول أكسيد الكربون في الهواء كل سنة، وسيحرق الشخص 36 ألف سعرة حرارية سنوياً، وهو ما ينبغي التنبيه له، والسعي لنشر ثقافة ركوب الدراجات الهوائية، والارتقاء بالنظرة لها مما يحقق منافع جسدية وذلك بتحريك الجسم، ونفسية لتحسينها الحالة المزاجية، وبيئية لتخفيف التلوث، واقتصادية في ترشيد استهلاك الطاقة وتخفيف الازدحام المروري.
وطالما نتشوّق في الرياض لتدشين القطار الذي قد يجعلنا نستغني عن سياراتنا؛ فإنه من الضروري التنسيق لذلك مبكراً وقيام وزارة الشؤون البلدية بتمهيد الشوارع وتهيئتها وتخصيص مسارات للدراجات الهوائية على الطرقات ليتمكن الناس من استخدامها مستقبلاً بيسر وسهولة.