د.عبدالعزيز الجار الله
نحتاج إلى مسؤولين يملكون خاصية اختصار الزمن والمسافات، وأصبح واضحا أن لدينا مشكلة إدارية وتخطيطية وإجرائية عميقة مع المسافة والزمن، وهي أرث تاريخي متغلغل في العمل الإداري راكم علينا السلبيات، على سبيل المثال يمكن أن تجد قضية نزاع على أراضي سكنية وزراعية في المحاكم عمرها (40) سنة، وفي الأحوال الشخصية قضايا تصل إلى (30) سنة، ومشروعات توقفت وهي تحت الإنشاء من (20) سنة لم تنفذ هذه وغيرها من أعمار الأجيال، يرحل الإنسان عن الدنيا أو يتقاعد عن العمل وهو يتابع قضية بسيطة بدأ في متابعتها وهو في سن الشباب, قد لا تحتاج إلا للائحة داخلية من صلاحية الوزير، أو تعميم يتبناه المدير الميداني أو المسؤول التنفيذي.
د. رميح الرميح الرئيس العام للمؤسسة العامة للخطوط الحديدية كشف لوسائل الإعلام منتصف الأسبوع الماضي عن عامل المسافة والزمن وعن إعلانهم (انتظرونا في 1 يمنيو 2016م) بقوله: تقليص المدة الزمنية بين المنطقة الشرقية ومدينة الرياض، لتصل إلى ثلاث ساعات وأربعين دقيقة بدلا من الزمن الحالي بأربع ساعات ونصف، وأن المؤسسة مستمرة في تقليص المدة الزمنية بين المدينتين حتى يصل إلى مستوى منافس لوقت السيارة ومقارب لوقت السفر بالطائرة.
الدكتور الرميح واحد من القيادات الذين يسعون إلى تقليص المسافات والزمن من خلال الاستفادة من الطاقة والتكنولوجيا والإدارة الهندسية، وجعل القطارات هي من يعمل الفارق لصالح السكان والاقتصاد والتنمية لأن القطارات تختصر المسافة والزمن وتنقل أكبر عدد وكمية من الركاب والبضائع في وقت واحد بخاصة في الرحلات اليومية وسط أراضي صحراوية داخلية، وهو ما ننتظره من مؤسسة الخطوط الحديدية عبر شبكاتها الداخلية والدولية.
فالمسافة بين أهم مواني المملكة جدة في الغرب على البحر الأحمر، ميناء لتجارة البحر الأحمر والأبيض المتوسط وأوروبا وشرقي أفريقيا والمحيط الأطلسي، وميناء الدمام شرقي المملكة على الخليج العربي، ميناء لتجارة الخليج العربي وبحر عمان وبحر العرب والمحيط الهندي, فالمسافة البرية بين جدة والدمام تزيد عن (13) ساعة وللبضائع أكثر من هذا الوقت، كان يمكن عبر شبكة القطارات السريعة تقليص الزمن، واختصار المسافة بين المدينتين، ونقل الركاب والبضائع في زمن وأحمال وكلفة أقل من السيارات وقريبة من وقت الطائرات، وهذا يقود إلى التعجيل في ‘تمام شبكة القطارات بين عواصم المناطق وبين المدن الكبرى والمدن الاقتصادية وبين الدول ، فقد تأخرنا طويلا في إنشاء شبكة القطارات فكانت على حساب الاقتصاد والتنمية الحضارية والاجتماعية.