د.عبدالعزيز الجار الله
عاش الأستاذ سليمان بن عبدالرحمن الذييب أكثر من (35) سنة في الأزمنة الموغلة في القدم، عاش د. الذييب في تجاويف أواسط جزيرة العرب وعلى تخومها الشمالية والجنوبية، غاص في بحار النفود الكبير بحر رمال جوف السعودية مصدر رمال الجزيرة العربية، ومشى فوق أعالي الكثبان الرملية للقوس العظيم قوس الدهناء الذي ربط ما بين رملة النفود الكبير شمالاً غربياً وبين رمال ربع العرب الخالي في الركن الرملي الجنوبي البعيد في آخر ركن للعرب مكاناً شرقياً.
قدّم د. الذييب كل ما يملك: نفسه، ماله، وقته، مستقبل أسرة بيته. ليخرج لنا أكثر من (28) كتاباً و(35) بحثاً علمياً وترجمات ومشاركات في الأطالس والبلدانيات، فحصل على أهم تكريم من الملك سلمان - حفظه الله- جائزة خادم الحرمين الشريفين للمتميزين 2016م , وجائزة جامعة الملك سعود للتميّز العلمي 2014م، وجائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب 2012م, نشرت جريدة الجزيرة آخر احتفاء بالذييب يوم الخميس الماضي، حيث احتفت به ثالوثية بامحسون يوم الثلاثاء الماضي جمعت له أهل التاريخ والآثار واللغة واللسانيات والجغرافيا، وهب نفسه الذييب وسخرها لدراسة ونشر وتعليم نقوش وكتابات وأبجديات عرب الممالك العربية القديمة في الألف الأول قبل الميلاد وحتى (400) سنة بعد ميلاد المسيح عليه السلام أي فترة تاريخية تعود إلى (3000) سنة من الآن وحتى قبل البعثة بحوالي (200) سنة.
أهمية ما قدمه د. سليمان الذييب أنه بحث في:
أولاً: بحث في تاريخ أقوم جاء ذكرهم وبعض سيرهم في القرآن الكريم.
ثانياً: بحث في حقبة تاريخية هي من أهم الحقب في تاريخ العرب القديم.
ثالثاً: حفظ لنا مع باحثين عرب ومستشرقين تاريخ الأبجدية العربية جذورها وتسلسلها وسجلها.
درس وبحث لغات وموطن وهجرات الأمم والأقوام العربية من جاء خبرهم في كتاب الله وسنّة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وما أعلمنا به وذكره الإخباريون من شعوب وممالك وقبائل عربية، حيث جاء على ذكر: الآراميين، الأنباط, ثمود, الصفوية في الألف الأول غير الصفويين في إيران في التاريخ الحديث، الأوجرتيون والفينيقيون, دادن مملكتي دادان ولحيان، وتاريخ منطقة الرياض الحديث والقديم.
رحلة علمية عاشها د. الذييب لأكثر من (35) سنة في مجال واحد يرحل مع قوافل الشعوب في جزيرة عرب تدافع عن هويتها وشخصيتها بين غزاة رومان وبيزنطة يأتون إليها من البر والبحر محاربين من وراء البحر الأبيض المتوسط، وفرس يأتون من وراء خليج العرب، وأحباش من خلف البحر الأحمر، وباحثنا د. سليمان يقف كالرمح لا ينثني يدافع عن الهوية العربية والإرث الثقافي كحالنا اليوم تكالبت علينا غزاة الأمس من روم وبيزنطة وفرس وروس ويهود وكل قوى الأطلسي تريد أن تنهش من جسد العروبة وتمحو أبجدياتها.