سام الغُباري
كما هي عادة علي عبدالله صالح في المكر السياسي، يظهر مبدأه الأول في عدم الثقة بمن يبرعون في السياسة، هزيمته الدائمة لأصدقائه وحلفائه كانت عبر هذا المبدأ، هو لا يثق في أحد، وهم يثقون به، سعادته برؤيتهم يُهانون من رجاله الحقيقيين، الرجال الذين لا نراهم، والذين تستهويه فيهم رعونتهم، وطيشهم، ورأسهم الصلب الذي يعرف أنه ذاهب إلى الجحيم، فلا يتوب.
يستخدم علي عبدالله صالح البعض إلى وقت الذروة، عند رأس الهرم يُلقيك من شاهق، ولا يدعك تسقط لتموت، إلا في حالات نادرة، وحين تتأكد أنه هو من دفعك إلى الهاوية بيديه، تجده أول الزائرين إلى مشفاك وأنت مُعلّق بالضمادات من يديك وقدميك، وقد تكون مشلولاً إلى الأبد .
- هذا كله لا يهم صالح، هو الوحيد الذي يستطيع تبديل أصدقائه بسرعة، يُوهم الجميع أنهم من خاصته، وفي خاصته خواص وأخصائيين، دوائره الضيقة ليست كما تبدو، ليس له صديق دائم، وذلك ما يظهر في #مشاورات_الكويت .
يقول علي ناصر محمد إن علي عبدالله صالح من الأشخاص النادرين في هذا العالم الذين يقفون مواقف جيدة، لكنه لا يستطيع أن يستمر معك إلى نهاية الطريق، لم يعرف الرجل الذي حكم اليمن 33 سنة التضحية من أجل فكرة براقة، يعتقد أن سلامته الشخصية هي وحدها التي ستجعله في المقدمة، وهو التفسير المقنع لكمية الحقد الواسع التي يضمرها الرجل لكل من استهدفه في جامع النهدين قبل خمسة أعوام تقريباً، يشعر أنهم أرادوا إعاقة انطلاقته التأسيسية لدور العائلة الضخم في شؤون البلد الفقير، ولهذا يحقد على الجميع وعلى كل من وقف مع التحالف العربي لتدمير إسطوله الحربي وعتاده العسكري الرهيب .
- هذه المقدمة اضطرارية لنقل موقف «مهدي المشاط» مدير مكتب عبدالملك الحوثي، هذا الفتى النحيل الذي لا يمكن القبول أو الاعتقاد بارتباطه بعلي علي عبدالله صالح، إلا أن ما حدث داخل الجلسة المغلقة الثانية التي عُقدت في الكويت مساء السبت 23 إبريل، أدهش الجميع، حتى عارف الزوكا رئيس وفد صالح، ومحمد عبدالسلام رئيس وفد الحوثي.
- فبعد أن رفض الحوثيون وصالح بشدة صدور بيان مشترك لوقف إطلاق النار واستهداف المدنيين وفتح الممرات الآمنة لكل المناطق اليمنية وإطلاق سراح المختطفين، وتأكيد محمد عبدالسلام أنه لن يسمح بفك حصار تعز، وخلال مشاورات ماراثونية صعبة للغاية بين الوفدين على حدة، وفي اجتماعات مشتركة نسقها إسماعيل ولد الشيخ، وعمل عليها بكثافة وصلابة، بدأت النقاشات حول اختيار ممثلين لمتابعة وقف إطلاق النار، وهنا برز خلاف حاد بين وفدي صالح والحوثي، فصاح مهدي المشاط في أبوبكر القربي حتى أسكته، والتفت في حدة لقمع يحيى دويد، وقال بكل وضوح أنا «عضو لجنة دائمة بالمؤتمر الشعبي العام، وأنا الذي أمثّل علي عبدالله صالح وليس أبوبكر القربي»!
- القربي الذي عمل وزير خارجية صالح لأكثر من 13 عاماً، لم يكن موثوقاً به لدى رئيسه السابق، وعبدالملك الحوثي الذي خاض ست حروب وكان «مهدي المشاط» إلى جواره، ظهر العكس، هكذا على الأقل ظهرت تصريحات «المشاط» أمام الجميع، حتى إسماعيل ولد الشيخ أمسك رأسه من الإعياء، فأمامه حالة من تشابك أطراف الصراع بطريقة مجنونة .
- انفض الاجتماع مع تمسك الوفد الحكومي بتراتبية النقاط الخمس التي اتُفق عليها في بيل السويسرية، وقد تدلت شفة عارف الزوكا، كان حائراً؟ فهل اخترق علي عبدالله صالح الحوثيين حتى وصل الأمر إلى مكتب عبدالملك الحوثي شخصياً، كما فعل مع علي محسن.
ما زلنا نسأل، ويبدو أن رجل المخابرات القديم أخطر مما توقّعنا .