سام الغُباري
سقط «حسن اليعري» أخيراً على باحة مسجد قريب من منزله الجميل في ضواحي مدينة ذمار الصامتة، وقبل أيام قُتل خمسة من أبرياء المدينة بينهم امرأة وزوجها على يد مهووس لعين ينتمي إلى جماعة الحوثيين الانقلابية.
- استشهد «حسن اليعري» وهو أبو التجمع اليمني للإصلاح في محافظة ذمار، وأبي أيضاً، اغتيل بصمت، وكل المؤشرات ترفع إصبع الاتهام في وجه متعصبي الحوثية السلالية، أولئك الذين يستطيعون قتلنا بكل سخرية وإضاعة دمنا بين أجندات ومشاورات الكويت. انضم «محمد الهاشمي الحامدي» من تونس إلى جوقة المقاتلين الخبثاء، وكشف «الحبيب الجفري» قِناعه المزيف وهو يشرح كاذباً لنفر من طلبة الخليج عن «مظلومية» الزيدية في شمال اليمن بُعيد اندلاع ثورة الضباط الأحرار على النظام الكهنوتي المزيف في سبتمبر من العام 1962م.
- ينظر هؤلاء السلاليون إلى اليمن كمعبر لإخضاع البلد الذي كان سعيداً، وإعادة تذخيره ليكون رصاصة قاتلة في جسد الخليج والجزيرة العربية، ومنه إلى إعادة تشكيل خارطة الحدود العربية وصياغة واقع المنطقة ككل.
- تُعيدني تصريحات الناطق الرسمي لجماعة الحوثيين المتمردين «محمد عبدالسلام» في صحيفة الوطن السعودية، إلى ذاكرة تصريحات مشابهة أصدرها عبدالملك الحوثي ووالده المقبور نشرتها صحيفة الثورة الحكومية قبل عشرة أعوام عن إيمانه بصحة الجمهورية، وضرورة عقد نسيج اجتماعي جديد يكفل حرية العقيدة والمذهب!. بينما يوجه «عبدالسلام» خطاباً آخر عبر وكالة الأنباء الإيرانية يقول فيه إنه ليس معنياً بالقرار الأممي 2216، يؤيده في ذلك إسماعيل ولد الشيخ الذي من المفترض أنه جاء لتطبيق وتنفيذ القرار الذي يخص أممه المتحده. إلا أن في الأمر ما يستحق إظهار القلق من نوايا الحوثيين تجاه طبيعة المعركة، وعزل الجانب الحكومي اليمني عن عُمقه الخليجي والعربي الذي تشكل بقوة عبر «عاصفة الحزم».
- بعد استيلائهم المفاجئ على العاصمة صنعاء، أودع الحوثيون عشرات الآلاف في سجونهم الرهيبة، كان أحدهم «حسن اليعري» الذي رفض حينها الخروج من محبسه إلا بعد ضمان خروجي من معتقل آخر في نفس المدينة التي جمعتنا سوياً.
- في صباي.. كان «اليعري» أباً طيباً، مبتسماً وداعماً لبداياتي الصحفية الأولى، سخّر أدوات حزبه الطباعية لنسخ نشرتي المدرسية التي رأست تحريرها على مدى أعوم طويلة، وفي 2011م كان يستوقفني ضاحكاً وقوفي مع «علي عبدالله صالح»، حذرني منه، وكنت أتمنع، وذات يوم كتبت عنه بطيش أحمق، فوجدني في شارع المدينة يلومُني، فدهمني العرق، وتواريت خلف صديق ضخم، كنت أشعر أني مخطئ، وغبي.. كنت كاذباً، وغد يستتر خلف أنانيته المفرطة للوقوف مع عصابة حكمت اليمن في لحظة سقوط تاريخي مريع، واستمرت العصابة، ووصلت بنا إلى نهاية مشابهة لما قبل نصف قرن من العناء والتخلف والجهل.
- كان الأستاذ «حسن اليعري» كبيراً، كبيراً جداً، رأسه في السماء، وعيناه تنظر إلى الجنة، قلبه مُعلق في الفردوس حيث ينحني الأنبياء لبارئهم، وتُسبح الملائكة، قتل وتركنا في جحيم لاهب، واجه رصاصات الحوثي الأخيرة بصدرً مؤمن، وسقط في باحة المسجد أمام أعين الجبناء الذين سيغضبون كالرجال، ثم ينسون موتاهم، وأي ميت أمامنا اليوم!.
- أنا أبكي في الكويت، وعلى بعد أمتار قليلة ينام المجرمون في فندق «شيراتون»، ومعهم ناطقهم السفاح، يتحدث مثل إبليس الرجيم عن سلام كالفاحشة، بينما تنتشر كتائبه كاتمة الصوت لإغتيال الكبار في مُدننا، كما فعل إمامه اللعين «الخميني» بكل أصوات إيران المعارضة لإختطاف الملالي لحضارة إسلامية عملاقة في طهران، وما عادت تستطيع انتزاع حريتها ودفن جمهورية العمائم السوداء.
- أنا مصدوم حقاً، تأخذني الرحمة ويكسوني الحقد، أشاهد كل الوجوه الفارسية التي كانت تبتسم في مقيل الرجل المظلوم، وأشعر أنها هي التي حملت السلاح، وأرتدت لثامها لانتزاع روح الشهيد الأستاذ، وإبقاء «ذمار» كما هي صامتة مكسورة، كأنعام الأضاحي التي تُساق إلى جزارها ليعقرها، ويقترب بدمها إلى الله زُلفى.
- إنهم يقتلوننا، هذا كل شيء، وكل ما سيأتي، وما سيبقى، فإن لم ندافع عن أنفسنا، سيرتدي الفارسيون لثامهم، ويصوبوا أسلحتهم إلى قلوبنا، وسوف تمتلئ السحاب بالظلم والقهر، ويهطل الدم كالمطر، بآهات الضحايا الذين خرجوا إلى القبر بسلاح قذر، ولهذا كله نصدح بأصواتنا إلى السماء إلى الله، فكل رصاصة يُطلقها المجرمون جزاؤها النار تلك التي أُعِدت وقوداً للحوثيين والحِجارة.