جاسر عبدالعزيز الجاسر
تُقدم المملكة العربية السعودية في عهد ملك الحزم والحسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، دروساً وإضافات جديدة في العلاقات الدولية والعلوم السياسية، وإذا كنت قد تأخرت كثيراً في الكتابة عن هذه الإضافات كون (البعض)، وأقول (البعض) لأن هناك من يعتبر أن الكلام حتى عن أقرب الأقربين لك واجب يتحتم عليك الحديث عنه، لأن حجبه يُعتبر تقصيراً منك في قول الحقيقة، ولكن (البعض) يعد ذلك تزلُّفاً، رغم أن الناجح تتحدث عنه أعمالهم ولا حاجة لمن يكتب عنه، ولكن لأننا كعرب - وأقول العرب ولا أستثني أحداً - دائماً لا نفرّق بين الحديث عن الذي يتحقق ويجلب التفوق، وبين الذي لا يعمل ولا ينجز، ومع أن الفارق كبير وواضح إلا أن خلط الأشياء مع بعضها البعض هو من يسيطر على العقول، ولذلك فالبعض يعدون كل من يقول الحق عما يتحقق في بلده نوعاً من محاولة التقرُّب لقيادة بلاده، وهذا (البعض) الذي تسيطر عليه نوازع فقدان الثقة، بل وحتى الجحود، مقتنع بأن ما يحصل يستوجب الحديث عنه، خصوصاً أن ذلك المتشكك الذي ينظر بعين الريبة لمن يتحدث عن إنجازات قيادته، ينعم بما يتحقق من الإنجازات التي تمتد إلى حياته الشخصية وتنعكس إيجابياً على حياته الحاضرة ومستقبل أبنائه.
شخصياً لا أجد حرجاً من الحديث عما يتحقق من إنجازات، وأجد الفخر في معاودة الكتابة عنها، ولا أتردد في ذلك مثلما كل كاتب يتمنى التقدم والتطور لبلاده، ومثلما نلجأ لكشف السلبيات والمطالبة بتحقيق أعمال نفتقدها ونراها مهمة تساهم في تنمية الوطن والمواطن، فإن الواجب أيضاً الحديث عما تحقق من إنجازات لأن في ذلك ليس إنصافاً، وإنما تشجيع لمزيد من الإنجازات وتقدير لمن قام بها.
هذه المقدمة التي لا بد منها لتنظيف عقول من يحصر مهمة الكاتب في كشف السلبيات والانتقاد، ويُوصم كل من يمتدح الإنجازات بالمتزلف، بالرغم من أن الأعمال تتحدث عن نفسها، لكن تأبى العقول أن تراجع ما تتداوله من أفكار وتتعامى عما تشاهده العيون.
وبالعودة إلى ما بدأت الكتابة عنه، وكطالب ودارس للعلوم السياسية وباحث قضى عقوداً من الزمن يتابع القضايا الدولية، استرعى انتباهي ليس كسعودي فقط، بل كإنسان يسعى للعلم والتعلُّم، أن يشهد تطوراً وإضافات للعمل السياسي والعلاقات الدولية منبعها سعودي، وهو ما يجعلني أفخر ولا أستطيع أن أمنع فخري، خصوصاً بعد التوسع في دائرته الدولية، وأن لا تزال في نطاقها الإقليمي، إلا أن الذي بدأ مسيرة التطوير وإضافات الإبداع قادر على مواصلة الانطلاق في دوائر أوسع.
الحديث هنا عن الخطوة السعودية بالتوسع في إقامة مجالس التنسيق مع الدول التي تُعد أكثر تجانساً معها ليس في المجالات السياسية، بل تتسع للمجالات الاقتصادية والتنموية والأمنية والعسكرية.
حتى الآن أبرمت المملكة العربية السعودية اتفاقيات لإنشاء مجالس تنسيق مع مصر والأردن وتركيا، وأخيراً وليس آخِراً مع دولة الإمارات العربية، مما يُعد إضافة جديدة لعلوم العلاقات الدولية والعلوم السياسية، وهذا ما يجب أن يرصده كل من يعمل في هذه الحقول من العلوم الإنسانية لمتابعة ما يتحقق في العهد السعودي الذي نعيشه، وقد نغفل من متابعة ما يتحقق فيه من إنجازات.