عمر إبراهيم الرشيد
سأقاتل من أجل أن يكون حكم مباراة كأس الملك القادمة سعودياً. هذه العبارة ليست لمسؤول رياضي سعودي، لكنها لرئيس لجنة التحكيم السعودية الإنجليزي هاورد ويب الذي يتولى مهمة تطوير التحكيم في كرة القدم في المملكة كخبير أجنبي. ومما قاله قبل أيام أنه يتوجب منح الحكم السعودي الثقة وعدم تعريضه للضغوط كي يؤدي مهمته بنجاح. حقيقة عندما قرأت هذا الخبر شعرت بالأسف وتيقنت كم نحن بحاجة إلى بذل جهود كبيرة لتغيير الثقافة والفكر الإداري والإعلامي الرياضي لدينا، ومن ثم فإن التعاطي والفكر لدى الجمهور سوف يتغيّر تبعاً لذلك كنتيجة طبيعية حتى ولو استغرق ذلك سنوات، إنما المهم أن يبدأ العمل دون تسويف أو خدر نتيجة تحقيق بطولة هنا أو هناك، ولو أن البطولات في كرة القدم تحديداً قد غابت عن الساحة السعودية منذ سنين لأسباب عدة. أول تلك الأسباب ضعف البنية الإدارية وضحالة الفكر الاحترافي الرياضي لدى اللاعب السعودي إلا من رحم الله، والتعاطي العاطفي والحماسي الأهوج وقصير النظر، سواء من معظم الإدارات أو اللاعبين أو الإعلام الرياضي ومعه الجمهور، بدون تعميم بطبيعة الحال، فهناك تميز وهناك ناجحون في كل مجال ذكرناه لكني أتحدث هنا عن الغالب الأعم.
وفي تقديري الشخصي أنه حين يتم الاستعانة بهذا الخبير لتطوير التحكيم ومستوى الحكام لدينا، ثم يستمر جلب حكام أجانب لإدارة كثير من المباريات لدينا وبإصرار وطلب من كثير من الفرق الرياضية في الدوري السعودي، فإن ذلك يعني عقدة اجتماعية يتوجب الوقوف عندها، سمها إن شئت عقدة (الخواجة). هذا من جهة، ومن جهة أخرى هو خلل يتعدى الناحية الفنية (المشكوك فيها) من وجهة نظر من يطلب حكاماً أجانب بدل المواطنين، يتعدى الناحية الفنية كما قلت إلى ضحالة التفكير مع خلل اجتماعي يضر بالانتماء الوطني والوئام الاجتماعي، وخصوصاً في هذه الفترة وإن كان هذا في كل زمان وكل مجتمع، لكننا في هذه الفترة بالذات أحوج ما نكون لنعزِّز كل ما يسهم في تقوية بنياننا الاجتماعي وانتمائنا الوطني، فلا ننزع الثقة من الحكم الوطني وكذلك المدرب الوطني الذي هو أقرب نفسياً واجتماعياً وفكرياً إلى اللاعب السعودي. متى رأى الجمهور السعودي أول كأس يحصل عليها منتخب المملكة عام 1984م؟، أليس تحت إشراف المدرب الوطني خليل الزياني. وها هم الحكام السعوديون يثبتون حضورهم في المحافل الرياضية الدولية ومنها كأس العالم والذي رشح للتحكيم فيه الحكم السعودي المرداسي إن لم أكن مخطئاً باسمه. إذا لدينا الإمكانات البشرية والمادية للإنجاز والتميز رياضياً وتحكيمياً وعلى مستوى المدربين، فقط نحن بحاجة إلى منح الثقة لمن يحتاجها ويستحقها سواء كان حكماً أو مدرباً أو إدارياً ناجحاً، لا أن نظهر أمام الدول والمجتمعات الأخرى كفاقدي الثقة بأنفسنا وكوادرنا فيأتي حكم وخبير أجنبي ليتولى هو الدفاع عن الحكم السعودي وإثبات جدارته، وهذا بحق الله أمر مؤسف ومخجل حقيقة. ولعل ما يبعث الأمل بالنقلة المتوقعة إن شاء الله، تحويل قطاع الرياضة والشباب إلى هيئة عامة ما يكسبها القوة الإدارية والفنية والمالية للعمل المنظّم والإنجاز وتحقيق المأمول، وفّق الله كل مخلص وصادق، ولكم فائق التحية.