(يو إس إيه توداي) - الولايات المتحدة:
لقد قضيت أكثر من أربع سنوات متصلة في العراق. في البداية كنت أقدم استشارات للقوات متعددة الجنسيات هناك، ثم بعد ذلك خدمت في وحدة العلاقات العامة في وزارة الخارجية بالسفارة الأمريكية. وحتى أمثالنا الذين عملوا في العراق خلال سنوات ما بعد الزيادة في عدد القوات يعلمون أن الجيش العراقي والحكومة العراقية ليسوا بأي حال من الأحوال في حالة تسمح لهم بقيادة البلاد أو الدفاع عنها، ودائمًا ما كنا نقول: «سنعود يومًا ما».
بالنسبة لصناع السياسات، الذي يعتقدون أن إضافة المزيد من القوات الأمريكية سوف يوفر حلاً لتلك الأزمة الممتدة، فهناك العديد من المؤشرات التي تقول لهم: أنتم على خطأ؛ بدءًا من عدم وجود حكومة شعبية ملتزمة ومتماسكة وانتهاء بعدم وجود جيش قادر ومؤهل.
وبالرغم من الإشارات المتكررة في تصريحات أوباما على مر السنوات التي تفند إرسال مزيد من القوات الأمريكية على الأرض (بعضها حديثة تعود إلى يوم واحد قبل إعلانه في 25 أبريل أنه سيرسل المزيد)، فإن سوريا الآن سيزيد فيها عدد القوات من 50 إلى 300 جندي أمريكي. وكان ذلك بعد إسبوع فقط من إعلان الإدارة أنها سوف ترسل مائتي جندي إلى العراق للمساعدة في استعادة الموصل.
على الشعب الأمريكي أن يفكر بجدية في ذلك لدقيقة واحدة: إننا نرسل مزيدًا من «المستشارين العسكريين» لمساعدة القوات العراقية لاستعادة مدينة الموصل، بعدما قضت القوات الأمريكية أكثر من ثماني سنوات تقاتل في العراق وتدرب القوات العراقية، بقوات وصلت ذروتها إلى 166 ألف جندي عام 2007.
ربما يعتبر البعض الآن أن إرسال المزيد من القوات هو شيء جيد، أو حتى جاء متأخرًا؛ فبدون تقديم القوات الغربية استشاراتها، في العراق أو سوريا، لا يبدو أن هناك أمل في تحقيق تقدم. ولكن كم مقدار الأمل الذي يستطيع أن يجلبه مائتا مستشار عسكري؟ تلك الإضافة العسكرية الأمريكية ربما هي محاولة يائسة من الولايات المتحدة لمحاولة، مرة ثانية، أن تدرب من هو غير قابل للتدريب، وتأمل في الوقت ذاته أن السلام سيتحقق بطريقة ما. لقد تم تضخيم قدرات الجيش والحكومة العراقية بصورة كبيرة حتى من وجهة نظر المسؤولين الأمريكيين، فصعود العراق وتقدمه دائمًا ما كان يعتبر من المسلّمات؛ فقد خرجت إحدى الإيجازات الصحفية لوزارة الخارجية الأمريكية في 18 أغسطس 2008 قائلة: «لقد شهدنا تقدمًا ثابتًا فيما يتعلق ببناء القدرات العراقية، فقد استمرت القوات الأمنية العراقية في تحقيق تقدم ملحوظ، ليس فقط في الحجم، ولكن في القدرات والاحترافية»، وهو ما نشرته السفارة الأمريكية في مايو 2009.
لكي نكون منصفين، مثل تلك البيانات كانت تطلقها إدارتا بوش وأوباما على حد سواء، وربما اعتقد أولئك الذين في واشنطن، ويبتعدون آلاف الأميال عن العراق، أن هناك بعض الحقيقة في مثل تلك البيانات. ولكن أمثالنا على الأرض في العراق يعيشون حقائق الوضع هناك كل يوم، ويعلمون أن الأمر خلاف ما يقال. بعضنا كان لديه قناعة أن حرب العراق كانت تمرينًا في العلاقات العامة أكثر من كونها معركة يمكن أن ننتصر فيها في بلد لديه رغبة في الإصلاح. لقد تعهد أوباما مرارًا في حملته عام 2008 أن يقلل الحروب في الشرق الأوسط، وأنا أتذكر ذلك التعهد جيدًا لأنني كنت شاهد عيان على قيامه بذلك بنفسي؛ فقد كان ذلك اليوم هو 21 من يوليو 2008، عندما جاء إلى العراق السيناتور آنذاك باراك أوباما مع السيناتور جاك ريد وتشاك هاجيل. كنت مسؤولاً عن إدارة لقاءاتهم ومؤتمرهم الصحفي في العراق، وكانت إحدى اللقاءات مع الجنرال ديفيد بيتريوس في الغرفة م-100 في القصر الجمهوري للرئيس العراقي السابق صدام حسين. نظر أوباما آنذاك إلى بيتريوس قائلا: «جنرال بيتريوس، إذا ما انتخبتُ رئيسًا في نوفمبر، سأقول لك: يجب إنهاء هذه الحرب».
ولكن الرئيس أوباما ليس السيناتور أوباما، فقد وجد الرئيس أنه من الضروري الإبقاء على القوات الأمريكية في أفغانستان، وأن يعيد بعضًا إلى العراق، وأن يرسل البعض الآخر إلى سوريا.
من المؤكد أن أوباما يعلم أن إرسال القوات الأمريكية إلى الشرق الأوسط هو شيء لا يمكن تجنبه. إذا لم نريد للمنطقة مزيدًا من الخروج عن السيطرة - بصرف النظر عما يعنيه هذا اليوم - وإذا لم نريد إيران أو الجماعات المتطرفة الدول مثل داعش أن تملأ فراغ القوة هناك، يجب علينا أن نفعل «شيئًا» ما.
إرسال قوات العمليات الخاصة و«المستشارين العسكريين» هو ذلك «الشيء»، ويمكن أن يكون ذلك هو البديل المؤقت لأوباما حتى يأتي الرئيس الجديد إلى السلطة ويحدد مساره أو مسارها للأحداث. ولكن التحركات الأخيرة من الإدارة الأمريكية ما كان يجب أن تسير في اتجاه حلول لمزيد من العسكرة لمشكلات ذات طبيعة سياسية، وربما ثقافية، في الشرق الأوسط.
- أرماند كوشينيللو